ما نتائج تراجع عون عن اعترافاته أمام المجلس؟

من ضمانات الدّفاع الأساسيّة في المادّة التّأديبيّة، استجواب الأعوان المزمع تأديبهم، حتّى يتمكّنوا من تقديم دفاعهم في ما ينسب إليهم من تهم، وهذه الاستجوابات قد تحمل في عباراتها اعترافا بالخطأ الإداري أو بخطأ التّصرّف، وفي ضوء ذلك الاعتراف تنجز الإدارة إجراءاتها التّأديبية، ومن بينها إحالة العون على أنظار مجلس التّأديب قصد إسناده عقوبة من الدّرجة الثّانية ، وقد يفاجأ أعضاء المجلس عند النّظر في الحالة التّأديبيّة بتراجع العون عن أقواله التي صرّح بها للباحث الإداري، ويتعلّل بظروف نفسيّة استثنائيّة، أو أنّ الباحث قد ختله من أجل سحب اعتراف منه، أو وعده بطيّ ملف القضيّة إن هو اعترف بالأخطاء، أو أنّه قد وقع تهديده لتحمّل مسؤوليّة الأخطاء عوضا عن مسؤول خاف من سلطته أو من علاقاته، وغير ذلك من الأعذار التي يمكن أن يصرّح بها العون المحال على المجلس. ومن الضّروري أن ننبّه إلى أنّ رئيس المجلس لا يمكنه بحال تجاهل تصريحات العون أمامه، وبالتّالي فإنّه:
• يدعو المقرر إلى إثباتها في المحضر بعبارات واضحة وصريحة.
• يطلب منه تقديم حجج على أنّها قد انتزعت منه غير واع بها، أو أن يحضر شهودا يطمئن المجلس إلى شهادتهم المبرّرة تبريرا كافيا للتّراجع. وفي هذه الحالة فإنّ الرئّيس يوثّق في المحضر الدّفوعات الشّفويّة والكتابيّة، وشهادات الشّهود، ويؤسّس عليها مقترح حجب التّهم التي نجح المتهّم في دحضها أمام المجلس ، وإذا لم يكن ذلك متاحا للعون، فإنّ على الرّئيس أن يعود مع الأعضاء إلى قراءة تقرير البحث للتأكّد من أمرين:
 أ ـ جمع أدلّة إضافيّة، وقرائن ماديّة عن مسؤولية العون في الأخطاء التي تراجع عن الاعتراف
بها، وقراءتها عليه، وتوثيقها في محضر الجلسة.
 ب ـ اكتفاء الباحث الإداري بالاعتراف دليلا وحيدا وأوحد في إثبات التّهم.
وفي الحالين الأوليين "أ"، فإنّ رئيس المجلس يعقّب على التّراجع بما ثبت في ملفّ القضيّة من قرائن إضافيّة، ويواصل الجلسة، ولا يعتدّ بالتّراجع في ظل القرائن الموثّقة. أمّا في الحالة "ب" فإنّ على الرّئيس رفع الجلسة، ويحرّر مذكّرة باسم المجلس إلى المندوب يطلب منه تكليف مسؤول بتعميق البحث في الأخطاء التي تراجع فيها العون، والانتهاء إلى أدلّة إثبات كافية تحسمها ، وقد قرّرت محكمة التّعقيب بطلان الاعتراف أمام باحث البداية إذا تراجع عنه المتّهم أمام قاضي الجلسة، ولم تعضّده حجج إثبات كافية في ملفّ القضيّة.