من الظواهر التي رصدتها شخصيا - متفقدا إداريا وماليا، ومسؤولا بالمندوبية - عدم استيفاء اجراءات التخلي في حق أعوان عموميين ينقطعون عن العمل ولا يسوون غيابهم بالطرق الإدارية المعمول بها، وتكتشف هذه الثغرة أحيانا بعد سنوات عديدة، وهذا وضع غير طبيعي بالمرّة، ويؤكّد بما لا يدع مجالا للشك:
* تقصير مسؤولين وأعوان تنفيذ.
* التلاعب بالاجراءات لتحصيل منافع ما.
وفي كل الأحوال، فإن المسؤول المعيّن حديثا في خطّته الوظيفية يكتشف مثل تلك الملفات، فما العمل إزاءها؟
أ - لا يمكن استيفاء اجراءات التخلي بعد سنوات من انقطاع العون العمومي.
ب - لا يمكن السكوت عن حالته وتأجيل حلّها.
.
وبالتالي يتعيّن ما يلي:
1 - فتح بحث إداري على وجه السرعة لطلب توضيحات من إدارة المؤسسة الراجع إليها العون العمومي بالنظر، وأعوان التنفيذ الماسكين لملف الغيابات.
2 - رفع تقرير حسن التوثيق إلى الإدارة العامة للموارد البشرية للاعلام وطلب استشارة.
3 - إعداد ملف تأديبي لمن ثبت عليه التّقصير في استكمال الاجراءات.
4 - إعداد ملف تأديبي للعون العمومي المنقطع عن عمله، وإحالته على مجلس التأديب لداعي "الغياب المسترسل وغير المبرر عن العمل"، ولا يمكن شطبه مباشرة لأنّ الاجراءات غير تامّة، وكل خطأ شكلي، يفضي إلى بطلان القرار الإداري.
ونذكّر بأن قانون الوظيفة العمومية (عدد 112 لسنة 1983)، يعطي للإدارة حق شطب العون المنقطع عن عمله دون الرجوع إلى آلية مجلس التأديب.
جاء في قرارات المحكمة الإدارية ما يلي: "الإدارة غير مجبرة على استشارة مجلس التأديب عند عزلها الموظف الذي ينقطع عمدا عن وظيفته إلا أن عزمها على تطبيق الإجراءات التأديبية التي هي في غنى عنها يجعلها مطالبة بتطبيق هذه الإجراءات تطبيقا سليما".
* المرجع: القرار 78 عدد القضيّة 262. / ص 129 (فقه قضاء المحكمة الإداريّة 1975-1983 / تونس 1990 / المدرسة القوميّة للإدارة / مركز البحوث والدّراسات الإداريّة)
ولكن في الحالة التي نخوض فيها يوجد غياب، ولكن الإدارة قصّرت في واجب الاعلام والتنبيه على العون العمومي، لذلك فشطبه إجراء غير سليم قانونيا.
استقر فقه القضاء الإداري على ما يلي:" يتعين إنذار الموظّف الذي تخلى عن عمله نهائيا بالالتحاق بمركز عمله، وفي صورة الرفض يمكن للإدارة أن تعفيه دون التقيد بالضمانات التأديبية"
المرجع: القضيّة عدد 1195 بتاريخ 27-3-1987. / (فقه قضاء المحكمة الإداريّة 1991-1992-1993/ تونس 1998 / المدرسة القوميّة للإدارة / مركز البحوث والدّراسات الإداريّة)ص 344.
و"إنذار الموظّف" الوارد في نص القرار القضائي: يعني استيفاء إجراءات التخلي.
5 - لا يمكن إحالة العون المتخلي على عدم المباشرة الوجوبية، بعد هذه المدّة من إهمال وضعيته الإدارية، لأن القرار يهدف إلى إلى التغطية على تقصير الإدارة ومسؤوليها وأعوانها.
6- تتحمّل الإدارة تبعات تقصير هياكلها ومسؤوليها وأعوانها، ويتعين عليها إعادة اجراءات التخلّي بعد تنفيذ القرار التأديبي الصادر في حق العون المتغيب عن عمله دون تبرير قانوني.
.
وبهذه المناسبة نؤكّد أن أفضل أسلوب للسيطرة على الوضع -إداريا- والحيلولة دون حصول مثل هذه الفضائح هو تفعيل "قانون الإطار" الذي فصلنا فيه القول في منشور سابق.