هل يؤدّب من قدّم إفادات متناقضة خلال بحث إداري؟

يعتمد الباحثون الإداريّون طرقا متنوّعة في استجواب الشّهود، مثل تنويع صيغ الأسئلة، أو تغيير أولويّة المطلوبات فيها، أو تقديم معطى وتأخير آخر، أو إعادة السؤال بصيغ متقاربة مع فارق زمني بينها من أجل:
• فحص صدق الإفادات وجدّيتها، ومطابقتها للواقع.
• محاولة إرباك المستجوب، وإيقاعه في التّناقض لجرّه إلى اعترافات.
• الظّفر من مستجوبين باعتراف، أو بشهادة تقود إلى إدانة من اتّهم بارتكاب أخطاء.
ويجد الباحثون أنفسهم أحيانا أمام إفادات متناقضة تمام التّناقض، ويعود تناقض الشّهود إلى احتمالات منها:
 الاستجواب خلال جولات متعدّدة ومتباعدة، فينسى الشّاهد خلال الجولة الثّانية أو الثّالثة ما كان قد أدلى به في جولة سابقة، ممّا يوقعه في تناقض لا يمكنه رفعه.
 مواجهة الشّاهد بمعطيات تناقض إفادته السّابقة، فيدلي من جديد بما يناقضها.
 اقتراح الشّاهد نفسه تغيير شهادته خلال الجولة الثّانية أو الثّالثة دون مبرّر موضوعي.
 عدم انتباه الشّاهد إلى أنّ تعدّد الأسئلة، وتنوّع صيغها يدور حول نفس المطلوب، فيقع في التّناقض من حيث لا يشاء.
وتوجد احتمالات أخرى، والمعتبر به في هذا الصّدد، هو ضمير الباحث، واجتهاده، ويختلف موقفه حسب تقديره للموقف:
 إذا اقتنع بأنّ الشّاهد قد تعرّض لضغط جدّيّ، أجبره على تغيير شهادته، فللباحث تفهّم ذلك، ويشير إلى التّناقض في عنصر "ظروف إجراء البحث"، دون مؤاخذة للشاّهد.
 إذا اقتنع بأنّ الشّاهد يطمس حقائق، أو يغطّي على فاعل، فإنّه يوثّق كتابيّا الإفادتين المتناقضتين، ويدين الشّاهد بتهمة: "محاولة مغالطة الباحث الإداري بتقديم إفادتين متناقضتين"، أو أيّة صيغة أخرى في ذات السّياق، مع وجوب استجواب الشّاهد في تناقضه.
وللإدارة حقّ إسناد عقوبة إداريّة من الدّرجة الأولى إلى الشّاهد المدان، لأنّ العون محمول على الاستقامة، وتنفيذ تعليمات الرّؤساء، والباحث إنّما باشر البحث بتعليمات من الرّؤساء، فتكون عدم الجدّيّة في التّعامل معه، خطئا مهنيّا يبرّر المؤاخذة.