نستعمل في خطابنا المنطوق والمكتوب مصطلحات قانونيّة كثيرا ما ننحاز بها عن دلالاتها الأصليّة، من قبيل رئيس الإدارة، الرئيس المباشر والمسؤول المباشر، والمشكلة ليست لغويّة، نروم من خلالها البتّ في الحدود والتّعريفات، وإنّما يهمنا ارتباط ذلك الانزياح الدّلالي، بتجاوز السّلطة خاصّة، لأنّ كل مصطلح من هذه المصطلحات يشتمل على سلطات إداريّة معلومة بنصّ القانون والتراتيب الإداريّة المعمول بها، وكل تجاوز لذلك، يوجب التأديب.
1 ـ رئيس الإدارة، هذا المصطلح لا يطلق إلا على السيّد وزير التّربية، ولآ أحد سواه، وهو بمقتضى احتكاره لهذ الصّفة تجتمع فيه كل السّلطات الأدرايّة والماليّة والبيداغوجيّة والتأديبية أيضا، وهو يفوضّ إمّا بقرارات تنشر في تارّائد الرّسمي أو استنادا إلى العرف الجاري به العمل سلطات لمسؤولين مركزيّين وجهوييّن ومحليين نجملها كالآتي:
2 ـ الرّئيس المباشر: هو المسؤول الأعلى في كل إدارة، فالمدير العام رئيس مباشر لمنظوريه من المسؤولين والأعوان، والمندوب الجهوي للتربية رئيس مباشر لكل المنتسبين لسلك التّربية في دائرته التّرابية، ومدير المعهد أو الاعداديّة رئيس مباشر للمنتسبين إلى المؤسّسة التي يشرف على تسييرها، وسلطاته دون سلطات رئيس الإدارة.
3 ـ المسؤول المباشر:
لكل رئيس مباشر (مدير عام / مندوب / مدير ) مسؤولون أقل منه رتبة إداريّة ويعملون تحت إشرافه، وهم بدوره مسؤولون مباشرون عن إطارات وأعوان وعملة يعملون تحت إشرافهم، وتحت مسؤوليتهم.
في هذا المستوى يحصل الانزياح الدّلالي، فالمديرون والمديرون المساعدون ورؤساء المصالح في المندوبيات الجهويّة للتربية يتحدثون إلى منظوريهم، ويقولون إنّهم الرّئيس المباشر لهم، ويشاركهم من يعمل تحت إشرافهم من أطارات وأعوان وعملة هذا الانزياح فينادوهم رؤشاء مباشرين.
ويحصل في المعاهد والاعداديات انزياح شبيه، فالقيم العام يصبح رئيس مباشرا للقيّمين، والنّاظر رئيس مباسر للمدرّسين وأعوان المخابر والإدارييّن.
وكما أشرنا سابقا فإنّ المسألة لا تتعلّق بهاجس أكاديمي يدعونا إلى حدّ الحدود، وتقديم التعريفات مفصّلة، وإنّما ننبّه إليه كي لا يقع ارتكاب خطأ إداري موجب للتأديب يسمّى "تجاوز السّلطة" أو " التّعدّي على المهام"، وبالتّالي فإنّ لكل إدارة أو هيكل إداري أو مؤسّسة رئيس واحد، له صلاحيات رئاسة محدودة، ولا تجتمع كل السّلطات إلا في يد رئيس الإدارة، ونعني به السيّد وزير التّربية، من ذلك أن المدير العام في إدارة مركزيّة، له سلطات على منظوريه، ولكن ليست له سلطة التأديب إلا بتفويض كتابي من رئيس الإدارة، ينشر في الرائد الرسمي، والمندوب الجهوي للتربية رئيس وله صلاحيات، ولكنّها أيضا مقيّدة ، ومدير المؤسسّة التربويّة رئيس بصلاحيات محدودة جدا، والإطارات العاملة معهم هم مسؤلون مباشرون، لا يحق لهم سوى اتّخاذ قرارالت تكتيكيّة تؤمن سير العمل بالمرفق، وانسيبابيته، ولا يتخذون قرارات استراتيجيّة إلا بالرّجوع إليه رجوعا كاملا.
إنّ التّمييز الحاسم بين المسؤول المباشر، والرّئيس المباشر من شأنّه أن يذكّر الجميع بأنّ المسؤول المباشر يمارس سلطته الإداريّة على منظوريه، دون سواهم، وبالرّجوع إلى رئيسه في العمل، وكل انفراد باتّخاذ قرارات في شأنّ منظوريه دون موافقة الرّئيس المباشر، يجعل تلك القرارات باطلة، ويوقعه في خحطأ تصرّف جسيم، موجب للتأديب وفق التّشريعات المعمول بها.