دعوى تجاوز السلطة: شروطها وإجراءاتها
خولة الزتايقي
نشر في التونسية يوم 23 - 06 - 2015
التونسية (تونس)
دعوى تجاوز السلطة أو دعوى الإلغاء، هي دعوى قضائية ترفع ضد السلطة الإدارية، بغية إلغاء قرار إداري غير شرعي، يقوم بها من له مصلحة لدى المحكمة الإدارية، وذلك وفق مقتضيات قانون غرة جوان 1972، والغاية من رفع دعوى تجاوز السلطة هي احترام الشرعية، أما النتيجة فهي إلغاء المقرر الإداري، ولا يمكن رفع دعوى تجاوز السلطة، إلا إذا وجد قرار إداري مخدوش فيه، ووجود السلطة الإدارية المصدرة للقرار، كما يجب توفر شرط المصلحة في إلغاء المقرر الإداري.
شروط الطعن بدعوى تجاوز السلطة
حتى يمكن الطعن بدعوى تجاوز السلطة، يجب أن تتوفر العديد من الشروط الأساسية، والتي تم التنصيص عليها صلب التشريع، ومن بين هذه الشروط، هو طبيعة النزاع، إذ ينظر القاضي الإداري في كل ما هو متعلق بالإدارة، منها تسيير المرفق العمومي، والسهر على الأمن العام، ولا يصبح القضاء إداريا إلا عندما، يكون النزاع خاضعا في أغلبه إلى أحكام خارجية عن القانون المدني، كما يجب أن تكون الإجراءات المتبعة مستقلة بنفسها عن إجراءات القانون الخاص، كما أن القاضي المختص بالنظر في هذا النزاع، يجب أن يكون غير تابع للهرم القضائي العدلي.
وحتى يجوز الطعن بتجاوز السلطة في قرار إداري، يجب أن يكون المقرر المخدوش فيه صادرا عن السلطة الإدارية، الأشخاص الطبيعيين الموظفين لأداء جزء معين من الوظيفة الإدارية، مثل الوزراء، الولاة، رؤساء البلديات، كتاب الدولة.... كما توجد عدة شروط حتى يكون القرار الإداري خاضعا لدعوى تجاوز السلطة، منها أن يكون القرار أحاديا، أي صادر من جانب واحد عن الإدارة، وأن يكون القرار موجودا وقابلا للتنفيذ، أي أن يكون مكسي بالصبغة التنفيذية، مما يجعل له أثرا ثابتا على مصالح أو حقوق الغير، كما يشترط أن لا يكون خاضعا لنظام قضائي آخر.
يهدف الطعن بتجاوز السلطة إلى إعادة الشرعية إلى القرار المطعون فيه، ويكفي أن يثبت المدعي أن له مصلحة للقيام بالطعن، إذ أن توفر شرط المصلحة والصفة في الطاعن من الشروط الأساسية للقيام بالطعن بدعوى تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية.
إجراءات رفع دعوى تجاوز السلطة
حسب ما اقتضاه الفصل 37 جديد من قانون المحكمة الإدارية، فإن دعوى تجاوز السلطة ترفع في أجل الشهرين المواليين لنشر المقررات المطعون فيها، والإعلام بها، ويمكن للمعني بالمقرر أن يقدم مطلبا مسبقا لدى السلطة المطلقة للقرار.
المطلب المسبق
يمكن لمن أصابه الضرر من قرار إداري معيّن، أن يقدم مطلبا مسبقا لدى السلطة المطلقة للقرار، وينتظر المدعي مدة شهرين، بعد تقديم المطلب، فإن لم ترد السلطة المختصة، يعتبر ذلك رفضا ضمنيا، يخوّل للمعني بالأمر اللجوء إلى المحكمة الإدارية، على أن يتم ذلك في ظرف الشهرين المواليين للأجل المذكور.
ويبقى الهدف من تقديم المطلب المسبق، تمكين الإدارة من العلم بوجود خلاف محتمل، يمكن أن ينتج عنه نزاع. بعد إصلاح 3 جوان 1996، أصبح المطلب المسبق غير وجوبي، وحسب مقتضيات القرار الإداري في 18 جويلية 1979، فإنه «تكون بمثابة المطلب المسبق الرسالة التي تعترض الإدارة ببلوغها إليها، مهما كانت طريقة إيصالها إليها، على شرط أن يكون محتواها يستند إلى القرار المطعون فيه»، ولا يعتبر الطاعن قائما بالتظلم عن طريق المطلب المسبق، إلا إذا اعترفت الإدارة بتسلمها لذلك المطلب، واعتراف الإدارة بتقديم المطلب المسبق يغني العارض عن تقديم الحجة، وتبعا لذلك رأت الإدارة بذلك، مثلا ضمن محضر عدل تنفيذ. وفي حال تكرار المطالب المسبقة، فإن ذلك لا يغيّر من أجال الطعن أو يمس بها، وتحتسب المحكمة أجال الطعن من المطلب المسبق الأول، ولا تعتبر ولا تعتمد المطالب الموالية.
الطعن المباشر
يمكن الطعن في القرار الصادر، إما عن طريق إتباع الإجراء الإختياري، وهو تقديم المطلب المسبق، أو عن طريق تقديم طعن مباشر في القرار المثار، أمام قاضي تجاوز السلطة، في مدة لا تتجاوز الشهرين، وتنطلق آجال الطعن ضد المقررات الإدارية منذ تاريخ الإعلام بها، وذلك بسعي من الإدارة، ويقع العلم عن طريق الإعلام مباشرة بالنسبة للقرارات الفردية، والنشر فيما يتعلق بالقرارات الترتيبية، أي القرارات العامة التي تهم أشخاصا، ويقع النشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
إذا لم يتم إعلام الطاعن بالقرار، فإن أجال الطعن تحتسب إبتداء من تاريخ وقوع العلم بها، وإذا تجاوزت مدة 60 يوم على الإعلام بالقرار، ولم يقع الطعن، فإن الطعن الواقع بعد هذه المدة يؤدي إلى سقوط الدعوى شكلا، وذلك لفوات الأجال غير أنه يوجد حالتان يمكن فيهما للمحكمة الإدارية، أن تقبل الطعن بعد فوات الأجال، في الدعاوى التي تنعدم فيها الأرضية القانونية، وللمحكمة أن تلغي ذلك القرار تلقائيا بدون طعن صريح ضده، وفي الدعاوى ذات المفعول المستمر التي أقرّت المحكمة في شأنها أنه يجوز الطعن فيها ما استمر مفعولها، وهذا ما يخص جوازات السفر، التقاعد أو المطالبة بشهادة.
_________________
*
الومضات الإشهارية لست من يبثها، ولا قدرة لي على تحييدها، فعذرا لكل الأعضاء والزوار..