يباشر المتفقّد الإداري والمسؤول الإداري البحث انطلاقا من وثيقة منطلق، ومن تكليف كتابي بالتّحرّي في مسألة أو مجموعة مسائل محدّدة، ومن المعلوم أنّ التّقيّد بعناصر البحث المستخرجة من التّكليف، أو من وثيقة المنطلق ضروريّ، غير أنّ الباحث وأثناء فحص سجلاّت ووثائق، أو عند جمع إفادات يكتشف إخلالات أخرى، أو تجاوزات ليس لها ذكر في وثيقة التّكليف، أو في وثيقة المنطلق، فكيف يتصرّف إزاءها؟
يوجد موقفان في هذا الصّدد:
الموقف الأوّل: يرى أصحابه أن ما كشف عنه البحث، أو ما صرّحت به الأطراف التي وقع بحثها، يدرج في عنصر "ما أفرزه البحث"، دون التّوجّه نحو بحثها والتّحرّي فيها، ويركّز كل اهتمامه على ما حضر من أجله.
الموقف الثّاني: يضيف أصحابه الأخطاء أو التّهم الجديدة إلى قائمة مهامّهم، ويتحرّون فيها.
ومع تسليمنا بأنّ للرّأيين ما يبرّرهما، إلا أنّنا نرجّح الموقف الأوّل، مع ضرورة تعديله، للاعتبارات التّالية:
يضمّن نصّ التّكليف عادة عبارة "في ضوء الوثائق المصاحبة"، وبالتّالي فإنّ مجال تحرّك الباحث مسيّج بهذا السّياج المنهجي، وهو لزوم ما نطقت به الوثائق المصاحبة للتّكليف.
في صورة بحث كلّ من كشف عنه البحث، فإنّ البحث -عندئذ- يتشعّب، ويعجز الباحث عن السّيطرة عليه، إذ تفتح أخطاء مهنيّة على مشاكل علائقيّة، وقد تفتح مشاكل علائقيّة على تجاوزات أخلاقيّة، وهكذا، بحيث يجد الباحث نفسه لا يغلق موضوعا، حتّى يفتح له آخر، وهذا الاحتمال يذهب بهيبة الباحث الذي تتقاذفه تصريحات مختلف الأطراف وإبلاغاتهم التي تتلبّس أحيانا بالكيد، ويتّخذ من المؤسّسة الوافد عليها مستقرّا ومقاما. وعليه، نرجّح اكتفاء الباحث ببحث أخطاء واردة في وثيقة المنطلق، أمّا ما أفرزه البحث، فهو نوعان:
ما هو متّصل اتّصالا مباشرا، ورئيسيّا بالقضيّة الأصليّة، فيبحثه.
وما لم يكن كذلك، فيكتفي بالإبلاغ عنه في تقريره، ولمن كلّفه بالبحث سلطة تقدير الموقف، فإمّا أن يحفظ تلك المسائل، وإمّا أن تكون إذنا بمهمّة بحث جديد.
_________________
*
الومضات الإشهارية لست من يبثها، ولا قدرة لي على تحييدها، فعذرا لكل الأعضاء والزوار..