فرضت جائحة كوفيد 19 على العالم تغييرات جذرية في كل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتشريعية والدينية...
ترتقي هذه التغييرات الى مستوى الثورات الكبرى في تاريخ الانسانية التي ألغت قديما وأرست جديدا، مع فارق في الدلالة، أو هي في مستوى الاهانات الكبرى لنرجسية الانسان التي تحدث عنها سيغموند فرويد، كيف لا ونحن نرى هذه الجائحة تزعزع كل ثوابتنا ومسلماتنا، وتثري معاجمنا اللغوية، وتعيد بناء كل العلاقات "من الفراش حتى السماء" كما تقول المثقفة المغربية فاطيمة المرنيسي.
من المستجدات الادارية والتربوية التي فرضتها الجائحة، وأجبرتنا على تطويع التشريعات السائدة إليها:
* الزمن المدرسي.
* الدراسة والمراجعة والدّعم عن بعد.
* تفويج الأقسام.
* العطل والاستراحات المتعاقبة بعنوان حظر صحي موجّه أو شامل.
* تخفيف المقررات الدّراسيّة.
* التخفيض من تواتر الاختبارات الكتابية.
* الاستغناء عن الاختبارات التّطبيقية في مادّة التربية البدنيّة.
* التّخفيض في عدد النوادي الثقافية والرياضيّة وأعداد المنخرطين فيها.
وفي سياق التربية والتعليم تدفعنا هذه الجائحة دفعا الى تنقيح منهاجنا، وتعديل زمننا المدرسي، وتطوير مناهج تعلماتنا، وإثراء منظومتنا التقييمية... لاحتواء التحدي، وتحجيم أثره على حياتنا.
من الطبيعي أن تعمل تشريعاتنا على الاستجابة لهذا المستجد في الاتجاهات التالية:
1- إيلاء نظرية "الظروف القاهرة" و "الظروف الاستثنائية" هامشا متزايدا من شأنه أن يؤمن السير العادي للعملية التربويّة وبأقل أخطار ممكنة، وبتعليق مؤقت للتراتيب العادية.
2- التوجّه نحو تحيين المنظومة القانونيّة في اتّجاه احتواء الجائحة وتداعياتها المختلفة، وجعل التشريعات مستجيبة لتحدياتها، ومستوفية لمقتضياتها.
3- بعث معجم تربوي واداري ومالي يجمع المصطلحات المنحوتة في سياق التعاطي مع الجائحة، أو شحن المصطلحات السائدة بدلالات تطوعها لاحتواء الواقع المستجد وتداعياته، واللغة كما في الدراسات اللسانية سلطة رمزية على العالم، وعلى الموجودات.
4- مزيدا من المرونة في العمل بالنص الناطق، باعتبار انه قد صيغ لظروف عادية، ولواقع خال من تحديات العدوى والمرض وموت الفجأة.
5- مزيدا من اتاحة السلطة التقديرية الممنوحة لصاحب المسؤولية كي يحقق الصالح العام والغائيات والاهداف التربوية بأقل تعثر ممكن، وفي ظروف امنة.
6- مزيدا من الحاجة الى التوافقات وتفعيل ادوار الهيئات الاستشارية والاطراف الاجتماعية لحل الاشكاليات في اطار يحفظ الصالح العام، وينزه أداء المسير الاداري عن الانحراف بالسلطة او السعي بها في اتجاه يحفظ مصلحته الخاصة.
7- دعوة رئيس الادارة الى بلورة نصوص اجرائية هي بمثابة التفسير للنصوص النافذة تحت وطأة الجائحة، لان التشريعات السائدة مقيسة على ظروف عادية، وظرف الجائحة استثنائي.
8 - البحث عن صيغ لحوكمة التصرف في الموارد البشرية الموجودة في المؤسسات الإدارية والتربوية في ظل التوجّه الحثيث نحو الرقمنة والتراسل الألكتروني.
9- المراجعة الجدية للمواد المسماة فنية واجتماعية باعتبارها أقرب للثقافة العامة التي لا تتطلب ضرورة سلك الانساق التعلمية-التعلمية العادية.
10- التفكير في صيغ تقييمات اشهادية تاخذ بعين الاعتبار متطلبات التصدي للجائح
ة.