تفتح مصالح المندوبية أبحاثا إدارية في مشاكل علائقية تنشب بين أفراد الأسرة التربويةّ أو بينهم وبين الأولياء أو بينهم وبين رؤسائهم في العمل وغير ذلك من الاحتمالات.
وتمثل وثيقة المنطلق محور البحث الأساسية وذلك بتناول عناصرها عنصرا إثر آخر، غير أن مجرى البحث يمكن أن يكشف عن عناصر أخرى تتعلق بالمشتكي نفسه أو بأي طرف آخر، كأن يصرّح الطرف المبحوث بمظالم تعرض لها كانت سبب انفعاله أو تصرّفه المشتكى به، وهذه الافادات يعتدّ بها، ويوليها الباحث أهميّة، ويمكنه الاشارة إليها في عنصر "ما أفرزه البحث"، وبحثها، والانتهاء إما إلى اثباتها أو نفيها، وفي الحالتين لا يثبت الباحث تهمة أو ينفيها إلا بدليل قطعي يمكن اعتماده في اتخاذ اجراءات تأديبية في حق المدانين.
وبالتالي لا يجوز للباحث التكتم عليها، وقد خبرنا من تجربتنا في الأبحاث الإدارية أنّه لا يوجد بريء براءة كاملة، ومدان إدانة كاملة في المشاكل العلائقية، وإنما تقسم المسؤولية في ما جرى بين الطرفين المتخاصمين، وهذه النسب تختلف من بحث إلى آخر، فكثيرة هي الأبحاث الإدارية التي أفضت إلى إدانة المشتكي بنفس قدر إدانة المشتكى به، وأحيانا أكثر.
كما أن تجربتنا في رئاسة مجالس التأديب قد أوقفتنا على نقائص كبيرة في أعمال الباحثين إذ تحال علينا قضايا لأعوان عموميين أساؤوا التعامل مع زملائهم أو مع رؤسائهم في العمل، ثم يتبيّن لنا من دفوعات العون المحال على المجلس أنّ الباحث قد حصر بحثه واستجوابه في الطرف المشتكى به، ولم يعر اهتماما للطرف المشتكي في ما أفرزه البحث من تهم، وهذا من الخلل الذي لا يجوز السكوت عنه.
لذا، نوجّه الباحثين إلى :
1- الالتزام بوثيقة المنطلق من حيث المبدأُ.
2- استجواب كل من يكشف عنه البحث وإن كان متقلدا لخطة وظيفية، فكونه الشاكي لا يمنحه ذلك حصانة من المساءلة أو من العقاب.