كيف تنفّذ الإدارة عقوبات على عون عمومي أدين جزائيّا بعقوبة بدنيّة سالبة للحريّة؟

أكّدنا على أنّ العون العمومي يمكن أن تسلّط عليه عقوبات متعدّد لخطأ واحد، ولكنّ هذا التّعدّد ليس المراد منه التّنكيل بالعون العمومي، أو إلحاق أكبر قدر ممكن من الضّر البدني والمالي والمعنوي به، وفي هذا السّياق نؤكّد على ما يلي:

• لا تعاقب الإدارة منظورها فيما برّأه فيه القضاء بسبب علويّة القرارات القضائيّة، ووجوب الإذعان لها، وللإدارة أن تعاقبه في ما ثبت لها من أخطاء مهنيّة، أو إخلال بكرامة الوظيف، حتى قبل أن يفصل القضاء في قضيّته.
• كل إدانة جزائيّة، ولو بحكم قضائي مخفّف من قبل السّجن لأيّام، والاستعاضة عن العقوبة البدنيّة بعقوبة بديلة، مثل الخدمة لمدّة ساعتين مجّانا لفائدة المصلحة العامّة، فهذه الإدانة المخفّفة تتيح للإدارة حقّ تأديب منظورها في ما ارتكبه خارج وقت العمل الرّسمي
• استقرّ فقه القضاء الإداري على أنّ غياب العون العمومي شرعي كلما كان سببه قوّة قاهرة، مثل الإيقاف لدى السّلط الأمنيّة، ومهما كانت مدّة الإيقاف فإنّه غياب شرعي، لا يوقف بسببه مرتّب، ولا تخصم مدّته من تدرّج أو من منحة إنتاج، وكذلك الأحكام السّجنيّة الإبتدائيّة، والتي تلغى بقرار استئنافي نهائي وباتّ، فهو أيضا غياب شرعي، باعتبار أن العون العمومي قد منعته قوّة قاهرة من مزاولة نشاطه الوظيفي
• إذا زادت مدّة الإيقاف أو الاحتفاظ بالعون العمومي عن المدّة السّجنية المحكوم بها عليه، فإنّ فترة السّجن المصرّح بها في القرار القضائي تسوّى دون أجر، وما زاد عليها، لا يؤاخذ بسببه العون العمومي ماليّا، وتنزل له مرتباته ومنحه كما لو كان مباشرا لوظيفه.
• الأصل أن تضمّ العقوبة الإداريّة بالرّفت المؤقّت إلى فترة العقوبة السّجنيّة، والعكس أيضا صحيح، كما في الأمثلة التّوضيحيّة التّالية:
أ‌. إذا سجن عون عمومي لمدّة 3 أشهر، وصدر قرار إداري برفته رفتا مؤقّتا مع الحرمان من المرتّب لمدّة 3 أشهر، فإنّ فترة السّجن التي أوقف فيها تحفّظيّا عن العمل، وجُمّد خلالها مرتّبه، تضمّ إلى فترة الرّفت، ولا عبرة بما كان منهما أسبق، فتعدّد العقوبات هو حفظ حقّ الرّدع للدّولة، وليس المراد منه التّنكيل بالعون العمومي.
ب‌. إذا سجن عون عمومي لمدّة 3 أشهر، وصدر قرار إداري برفته رفتا مؤقّتا مع الحرمان من المرتّب لمدّة شهرين، فإنّ فترة السّجن أطول، وبالتّالي يعتبر العون العمومي قد قضّى عقوبة الرّفت المؤقّت وهو سجين.
ت‌. إذا سجن عون عمومي لمدّة 3 أشهر، وصدر قرار إداري برفته رفتا مؤقّتا مع الحرمان من المرتّب لمدّة 4 أشهر، فإنّ فترة الرّفت أطول، وبالتّالي تحتسب فترة رفت العون العمومي من تاريخ سجنه، ولا باشر عمله إلا بعد انقضاء الشّهر الرّابع لاستيفاء العقوبة الإداريّة أجلها القانوني.
وقد جرى العمل بأن تفصل الإدارة تتبّعها ضدّ منظورها قبل البتّ في قضيته عدليّا، لأنّ اتّصال القضاء يستغرق أشهرا، وأحيانا أكثر من سنة، فإذا رفتت الإدارة منظورها رفتا مؤقّتا بسبب ارتكابه أخطاء مهنيّة، أو أخطاء تصرّف، ثمّ أبلغت بأنّه قد سجن في نفس القضيّة، أمكنها إخضاعه لمساءلة جديدة بسبب إخلاله بكرامة الوظيف، ودخول السّجن، وليس بسبب القضيّة التي سبق لها زجره فيها.