نقلا عن صفحة فايسبوك: دروس العربية لتلاميذ السنة 4 آداب
***
القضايا الفكرية التي شغلت فكر الجاحظ
- تنمية المعرفة الإنسانية عبر الأجيال: انتقلت الثقافة في عصر الجاحظ من طور الرواية الشفهية إلى طور الكتابة (التدوين )،
وظهرت أهمية الكتاب في حفظ المعرفة وتوريثها للأجيال اللاحقة ، وفي ذلك قال الجاحظ :" لو لا ما أودعت لنا الأوائل (العلماء والفلاسفة السابقون لنا من اليونان خاصة )
في كتبها ، وخلدت من عجيب حكمتها ...لما حسن حظنا من الحكمة ولضعف سببنا إلى المعرفة ..."( الحيوان ).
- الدعوة إلى التعامل مع المنقولات وفق منهج علمي عقلاني قوامه الشك والتجربة والملاحظة : وجد الجاحظ نفسه وهو يدون
معارف عصره أمام كم هائل من المرويات المتعلقة بالحيوان أو الأدب أو غيرهما من شعب المعرفة؛ فدون الكثير منها بعد أن أجاد فيها النظر، وأجال العقل لغربلتها وتصحيح ما
تحمله من معرفة ، فدرسها سندا ومتنادراسة متأنية دقيقة وحث على الشك في لغريب والعجيب منها: " وتعلم الشك في المشكوك فيه تعلما فلو لم يكن في ذلك إلا تعرف التوقف
ثم التثبت، لقد كان ذلك مما يحتاج إليه ". (الحيوان). وقد طبق الجاحظ هذا المنهج الصارم على العلوم المنقولة من كتب الأوائل ولم يقبل منها إلا ما استقام مع العقل ، فشك في
كثير من المروياتالتي سجلها أرسطو في كتابه "الحيوان" (الذي نقله يوحنا بن البطريق من اليونانية إلى العربية في القرن الثاني للهجرة) رغم إجلاله لأرسطو الذي كان يسميه" صاحب المنطق".
- المعرفة الحسية والمعرفة العقلية : قسم الجاحظ المعرفة إلى صنفين: معرفة حسية مصدرها حواس الإنسان وتتعلق بظاهر الأشياء خاصة،
ومعرفة عقلية يُتوصل إليها بالتدبر، والتفكر، وإعمال العقل للنفاذ إلى بواطن الأشياء، ومعرفة كنهها، والحكمة التي أودعها الله فيها. والمعرفة العقلية أرقى صنفي المعرفة،
لأن الحواس قد تخطئ ولا يخطئ العقل :<< وللأمور حكمان: حكم ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول ، والعقل هو الحجة >> (الحيوان) .فالعقل هو أساس العلم عند الجاحظ .