منتدى أ. عمر الهرهوري
ومضات الاشهار تخترق الموقع، ولا سلطة لي عليها...
منتدى أ. عمر الهرهوري
ومضات الاشهار تخترق الموقع، ولا سلطة لي عليها...
منتدى أ. عمر الهرهوري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى أ. عمر الهرهوري

منتدى مجاني: مراجع ومقاربات تربوية وإدارية...
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
سحابة الكلمات الدلالية
مذكرة العمل العام حسابية لسنة التلاميذ منحة مهام التربية التأديب عطلة وثائق القيم منشور الساعات البكالوريا مجلس نموذج تسليم المدير شهادة المواد العملة مطلب جدول مناشير
يوليو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
293031    
اليوميةاليومية
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
عمر هرهوري: مؤسس ومشرف
شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة Vote_rcapشعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة Voting_barشعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة Vote_lcap 
مواضيع مماثلة
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 الأعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

 

 شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عمر هرهوري: مؤسس ومشرف
مدير المنتدى
مدير المنتدى
عمر هرهوري: مؤسس ومشرف


المساهمات : 1791
تاريخ التسجيل : 30/03/2018
العمر : 59

شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة Empty
مُساهمةموضوع: شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة   شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 22, 2019 11:41 am

شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة

نقلا عن صفحة فايسبوك: دروس العربية لتلاميذ السنة 4 آدابا.

الموضوع الثاني : << لم تكن غاية شعراء الحماسة من شعرهم تصوير وقائع حربية و تاريخية ، بل الاحتفاء بقيم إنسانية
خالدة و التفنن في ترغيب النفوس فيها >>.
حلل هذا الرأي و أبد موقفك منه .
|- المقدّمة :
لشعر الحماسة في تراثنا الأدبي ارتباط وثيق بالتاريخ ، إلاّ أن أحد الدارسين لهذا الشعر يرى أن غاية شعراء الحماسة من شعرهم ليست تصوير الحروب و تسجيل التاريخ بل
الاحتفاء بالقيم الإنسانية الخالدة ، و التفنن في ترغيب النفوس فيها . فما هي مظاهر الاحتفاء بالقيم الخالدة في نصوص شعر الحماسة ، و التفنن في التعبير عنها عطفا للقلوب عليها ؟
و إلى أيّ حد يصحّ هذا الرأي ؟

||- الجوهر :

1) التحليل :

* المعطى المنفي : لم تكن غاية شعراء الحماسة تصوير الوقائع الحربية و التاريخية .
- للشعر بمختلف أغراضه صلة بواقع الشاعر و بواقع العصر الذي ينتمي إليه . و سواء كان الغرض الشعري مدحا أو رثاء أو فخرا أو هجاء فلا بد أن يكون في قسم منه تسجيلا
للأحداث التي تجد في المجتمع زمن الحرب و زمن السلم .و من يتأمل ديوان العرب الذي يجمع شعر جاهليتهم و إسلامهم يجدْ فيه تصويرا لحروبهم و تخليدا لأيامهم على صفحات
التاريخ . غير أن الصلة المتينة بين الشعر الحماسي و التاريخ لا تحوّل قصائد الحماسة إلى وثائق تاريخية . فمقاصد الشاعر غير مقاصد المؤرخ ، و نظرة الشاعر إلى الأحداث تتغير
حسب مقاصد القول ، أما المؤرخ فنظرته ثابتة مهما تنوعت الأحداث ، فهو يلتزم بتسجيلها بأكثر ما يمكن من الدقة و الموضوعية . و هذا ما حدا بأحد الدارسين لشعر الحماسة إلى
القول بأن شعراء الحماسة لم يتخذوا تصوير الوقائع الحربية غاية من شعرهم .

** المعطى المثبت : بل الاحتفاء ...
أ – الاحتفاء بالقيم الإنسانية الخالدة : المقصود بالقيم الإنسانية الخالدة هي القيم المشتركة بين البشر حيثما كانوا ، و المقصود بالاحتفاء هو استحضار هذه القيم و إعلاؤها و منها :
- الشجاعة و حصافة الرأي :
قال المتنبي في مدح سيف الدولة إثر عودته منتصرا من إحدى غزواته في أرض الروم:
الرأي قبل شجاعة الشجعان -_- هو أوّل و هي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حـرة -_- بلغت من العلياء كل مكـــان
وقال أبو تمام في مدح الأفشين وقد أخمد فتنة الخرمية بمنطقة البذ :
بأس تفل به الصفوف و تحته -_- رأي تفل به العقول رزين .
- العدل :
قال أبو تمام في مدح المأمون بمناسبة انتصاره في إحدى معاركه ضد الروم :
يا أيها الملك الهمام و عدله -_- ملك عليه في القضاء همام .
- التضحية في سبيل الشرف :
قال أبو تمام في مدح المعتصم فاتح عمورية تلبية لصوت امرأة استنجدت به و هي أسيرة في أيدي الروم " وا معتصماه!":
لبيت صوتا زبطريا هرقت له -_- كأس الكرى و رضاب الخرّد العرب .
- الذَّبُّ عن المقدسات :
قال ابن هانئ في مدح المعزّ لدين الله الفاطمي :
هذا المعزُّ بن النبيّ المصطفى - _ - سيذبُّ عن حرم النبيّ المصطفى ( يذب = يدافع )
- عزّة النفس ممثلة في رفض ما به يعاب الإنسان كالجبن و الذل ..
قال أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي:
و قد كان فوت الموت سهلا فردَّه -_- إليه الحفاظ المُرُّ و الخُلُقُ الوعـــرُ
و نفس تعاف العار حتى كأنـــــه -_- هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر
فالممدوح أو المرثي أو الشاعر نفسه ( في معرض الفخر) يجسّد هذه القيم على أرض الواقع فهو البطل الملحمي حامي الأرض و العرض و الدين ....
ب – عطف القلوب على هذه القيم و ترغيب النفوس فيها بالتفنن في التعبير عنها :
للشعر وظيفة أخلاقية إذ يهدف إلى إحياء القيم النبيلة ، و تزيينها في القلوب ، و تحبيبها إلى النفوس . و لهذه الوظيفة حضور بارز في قصائد الحماسة . فقد تنافس الشعراء في تجويد التعبير
عن هذه القيم مستغلين ما تتيحه اللغة من إمكانيات تعبير على مستويات مختلفة :
- الثراء المعجمي ممثلا في وفرة الألفاظ ذات المعنى الحماسي مثل تعدد أسماء السيف، و أسماء الرمح ، و أسماء الحرب ... مما يفسح المجال أمام الشاعر ليدقق الوصف و يدعم القدرة
التأثيرية للمشاهد الموصوفة .
- توسيع دلالة بعض المعاجم باستعمالها في غير سياقها المألوف ، و الخروج بها عن معانيها الأصلية إلى معان مجازية . فمن عادة المتنبي مثلا أن يستعمل معجم الحب في سياق حماسي
كقوله مفتخرا :
ضروب الناس عشاق ضروبا -_- و أعذرهم أشفهم حبيبــا
وما سكني سوى قتل الأعادي -_- فهل من زورة تشفي القلوبا
فالشاعر يفتخر بعشقه للحرب و يتمنى زيارة ساحاتها ليشفي شوقه إليها ، فللناس فيما يعشقون مذاهب ، و مذهب الشاعر في الحب غير مذهب الناس ، فغرامه بالقتال كغرامهم بالغواني ...
فانظر كيف صوّر الشجاعة في أعلى مظاهرها ( الشوق إلى الحرب ) و فارق ما عليه الناس من كلف بالنساء و قعود عن المجد الذي لا سبيل إليه إلا بخوض المعارك الطاحنة .
- تنويع الصور الشعرية التي تبلغ بالمعنى حدّ الغلوّ و ذلك بالإغراق في التخييل : فهذا المتنبي يتغنى بثبات سيف الدولة في وسط المعمعة وقد لاقى جيش الروم الجرار قرب قلعة ا
لحدث مصوّرا شجاعته : وقفت و ما في الموت شك لواقف -_- كأنك في جفن الردى و هو نائم .
فهو في ساحة الوغى أقرب ما يكون من الموت ، حتى كأنه في جفنه و الموت غافل عنه (نائم) و ذلك هو منتهى الشجاعة : أن تواجه الموت و تتحدّاه .
- توظيف الإيقاع الموحي بالقوة : و من مظاهره ترديد الأصوات ذات الجرس القوي كما في قول ابن هانئ يمدح المعزّ :
منع المعاقل أن تكون معاقلا -_- موج الأسنة حولها يتصلصل.
فالشاعر يتغنى بقوة ممدوحه التي قهر بها أعداءه ، فأخرجهم من حصونهم بقوة السلاح . و قد عمد إلى بناء إيقاع يوحي بهذه القوة فردد أصواتا قوية كالعين و القاف و الصاد و اللام .
إنها صورة صوتية لهذه القوة تعاضدها صورة بصرية ( صورة الموج ) .
- التغني بهذه القيم في خطاب حكمي يتميز بجمال الصياغة ، كما تغنى المتنبي بقوة عزيمة سيف الدولة التي جعلته يقدم على قتال الروم في قلعة الحدث رغم محذور شوكتهم :
على قدر أهل العزم تأتي العزائـــم -_- و تأتي على قدر الكرام المكارم
و تعظم في عين الصغير صغارها -_- و تصغر في عين العظيم العظائم .
فانظر كيف أخرج المعنى مخرج الحقيقة العامة الصالحة لكل زمان و مكان ليقنع به العقول ، و كيف زخرف العبارة بتكثيف الجناس و الطباق و المقابلة لدعم وظيفة الخطاب التأثيرية .
وعلى كل فإن شعراء الحماسة في احتفائهم بالقيم الإنسانية و ترغيب النفوس فيها قد خلصوا أشعارهم الحماسية من الصبغة التسجيلية التي تربطها بمرجعية تاريخية محددة . و حققوا أهم
وظائف الشعر الكبرى من قبيل التأثير في النفوس و تخليد قيم الجماعة.

2) إبداء الرأي :

إلا أن الاحتفاء بالقيم الإنسانية كوظيفة من وظائف شعر الحماسة لا يخفي حضور الوقائع التاريخية التي صوّرها الشعراء في قصائدهم مثل فتح عمرية ، و استرجاع قلعة الحدث ،
وإخماد فتنة الخرمية في منطقة البذّ ، و وقعة المجاز في صقلية ... و هذا يجعل لشعر الحماسة وظيفة مرجعية ، أي قيمة وثائقية . فقد عني الشعراء بإبراز هذه الوظيفة بذكر الأحداث
( الزحف – اللقاء – المعركة – النصر ...) ، و أسماء الأعلام ( المعز لدين الله – الأفشين – أبو سعيد الثغري – محمد الوسي – سيف الدولة – جوهر الصقلي ...) ،
و المواقع ( قلعة الحدث – الدرب – عمورية – البذ – أرشق . أبرشتويم ....) ...
و لشعر الحماسة و ظائف عديدة غير الاحتفاء بالقيم و تصوير الوقائع كالتعبير عن الذات عند أبي الطيب المتنبي إذ يقول :
لأتركنّ وجوه الخيل ساهمة -_- و الحرب أقوم من ساق على قدم .
فنفسه تحتدم فيها الثورة على العبيد الملوك الذين ابتلي بهم عصره ، لذلك يهدد بشن حرب شعواء عليهم ، و قتلهم .
و من وظائف شعر الحماسة أيضا الذود عن المذهب الديني / السياسي و نشر مبادئه و مدح رموزه . فابن هانئ قد غالى في مدح المعز لدين الله الفاطمي إمام الشيعة الإسماعيلية
الرابع عشر و الخليفة الرابع للدولة الفاطمية في إفريقية ثم في مصر . قال فيه ابن هانئ :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار -_- فاحكم فأنت الواحد القهار .

3) التاليف :
و صفوة القول أن نصوص شعراء الحماسة تحمل شواهد كثيرة على احتفائهم بالقيم الإنسانية الخالدة و تفننهم في التعبير عنها لترغيب النفوس فيها ، و تشتمل إلى جانب ذلك على إحالات كثيرة على
التاريخ ، وتعكس انتماءاتهم المذهبية و السياسية ، و تعبر عن مكنونات ذواتهم .

||| - الخاتمة :
إذًا الغايات التي رمى إليها شعراء الحماسة الثلاثة في تجاربهم الشعرية غايات متنوعة ، موزعة بين ما هو ذاتي متعلق بمنشئ الخطاب الحماسي ، و ما هو موضوعي متعلق بالإطار التاريخي
والقيمي الذي اكتنف إنشا . لذلك لا يمكن حصر ها في غاية واحدة و هي الاحتفاء بالقيم .
فما هي وجوه الاختلاف و الاتفاق بين الشعراء الثلاثة في احتفائهم بهذه القيم ؟

***
مظاهر الاتفاق و الاختلاف بين شعراء الحماسة الثلاثة .
سنذكر مظاهر الاتفاق و الاختلاف مبوّبة حسب مراكز الإهتمام في دراسة شعر الحماسة
1)المعاني الحماسية و أغراض الشعر :
ترد المعاني الحماسية عند الشعراء الثلاثة في معرض المدح خاصة ؛ مثل مدح أبي تمام للمعتصم ( فتح الفتوح ) ،و مدح المتنبي لسيف الدولة ( الحدث الحمراء ) ، و مدح ابن هانئ للمعز
لدين الله الفاطمي
( ما شئت لا ما شاءت الأقدار ).
وقد ترد في قصائد الرثاء مثل رثاء أبي تمام لمحمد الطوسي ، و رثاء المتنبي لأبي شجاع فاتك ، و قد ترد في سياق الهجاء كهجاء أبي تمام للجلودي في مصر ، أو هجاء المتنبي لكافور
الإخشيدي .لكن المتنبي أكثر من إدراج المعاني الحماسية في سياق الفخر فامتاز بذلك عن أبي تمام و ابن هانئ . و لعل ذلك راجع إلى إحساسه المفرط بتضخم الذات و إيمانه الراسخ بأن
القوة هي السبيل الوحيدة
لمغالبة الدهر وبلوغ المجد كقوله :
لأتركن وجوه الخيل ساهمة *** و الحرب أقوم من ساق على قدم .
2) الباعث على نظم المقاطع الحماسية :
لئن صدر الشعراء الثلاثة فيما نظموا من شعر حماسي عن عقيدتهم الإسلامية و اعتزازهم بما حققه الأمراء و الخلفاء و القواد المسلمون من انتصارات باهرة على الروم الصليبيين فخلدوا
الأمجاد و تغنوا بالبطولات ، فإننا نجدهم مختلفين في الروح التي تحرك قرائحهم ، فأبو تمام تحركه العصبية القبلية في مدحه الحماسي لأبي سعيد الثغري الطائي إذ يقول :
لولا جلاد أبي صعيد لم يزل *** للثغر صدر ما عليه صدار
و رثائه لمحمد بن حميد الطوسي الطائي ألذي يقول فيه :
فتى مات بين الضرب و الطعن ميتة *** تقوم مقام النصر إذ فاته النصر .
أما المتنبي فتحركه في مدحه للأمير العربي سيف الدولة الحمداني روح عربية تكره الأعاجم إذ يقول:
تهاب سيوف الهند و هي حدائد *** فكيف إذا كانت نزارية عُربا ؟
و يقول مشيدا بانتصار سيف الدولة على الدمستق قائد الروم :
و لست مليكا هازما لنظيره *** و لكنك التوحيد للشرك هازم تشرف عدنان به لا ربيعة *** و تفتخر الدنيا به لا العواصم .
فانتصار سيف الدولة شرف للعرب جميعا (عدنان ) لا لقبيلته (ربيعة )فحسب. و أما ابن هانئ فتحركه في مدحه للخليفة الشيعي المعز لدين الله الفاطمي قناعات مذهبية شيعية. فهو قائد
ينضوي تحت لوائه فتية شيعية شعارهم الولاء للخليفة المعز لدين الله ( و هو الإمام الرابع عشر للشيعة ):
و على مطاها فتية شيعية *** ما أن لها إلا الولاء شعار حفوا برايات المعز و من به *** تستبشر الأملاك و الأمصار .
3) اعتنى الشعراء الثلاثة بتصوير مظاهر القوة المادية ( الجيش ، السلاح ، الخيل ...) و تفرّد ابن هانئ بوصف السفن ، فأبدع في وصف الأسطول الفاطمي الذي كان أعظم قوة
بحرية في البحر المتوسط ، و ذلك نظرا لطبيعة الصراع بين الفاطميين و الروم في عرض البحر. يقول : من القادحات النار تضرم للطلى *** فليس لها يوم اللقاء خمود إذا
زفرت غيضا ترامت بمارج *** كما شي من نار الجحيم وقود .
4) صور الشعراء الثلاثة هزائم الأعداء في المعارك البرية ، فوصفوا بشاعة الخراب ، و فظاعة الحرائق ، و سيول الدماء ... و تفرّد بن هانئ بوصف هزائم البيزنطيين في
المعارك البحرية فصور إحراق السفن و إغراقها و راكبيها في موج البحر . فهذا أبو تمام يصور الخراب الذي ألحقه جيش المعتصم بعمورية فيقول :
لـقد تركت أمير المؤمنين بها *** للنار يوما ذليل الصخر و الخشب . حتى كأن جلابيب الدجى رغبت *** عن لونها و كأن الشمس لم تغـب
و هذا ابن هانئ يصور ما ألحقه جيش المعز بأرض الروم من دمار فيقول :
أضحوا حصيدا خامدين و أقفرت *** عرصاتهم و تعطت آثار كانت جنانا أرضهم معروشــة *** فأصابها من جيشه إعصار
5) على المستوى المعجمي بالغ أبو تمام و المتنبي في استعمال الحوشيّ من الألفاظ و المعقّد من التراكيب لأداء معان عادية مجترّة. أما لغة ابن هانئ فهي في الأعمّ الأغلب
مألوفة سلسة . و لعل ذلك راجع إلى طبيعة المحيط الثقافي الذي نشأ فيه كل شاعر ففي المشرق العربي كانت الفصاحة تقاس بالقدرة على استعمال الغريب ، أما لغة الأندلسيين
فكانت أميل إلى السهولة .
6) على مستوى الصور استلهم كل من أبي تمام و المتنبي أغلب صورهما من الموروث الشعري . و إليك هذا المثال : فقد شاع عند الشعراء منذ الجاهلية تصوير الطيور
التي ترتاد ساحات المعارك لتفترس الجثث ، كقول النابغة الذبياني في مدح عمرو بن الحارث الغساني : إذا ما غزوا في الجيش حلّق فوقهم *** عصائب طير تهتدي ب
عصائـب يصاحبنهم حتى يغرن مغارهــم *** من الضاريات بالدماء الدوارب .
فاستلهم أبو تمام هذه الصورة في مدح المعتصم و قائد جيشه الأفشين :
و قد ظللتْ عقبان أعلامه ضحى *** بعقبان طير في الدماء نواهــــل أقامتْ مع الرايات حتى كأنها *** من الجيش إلا أنها لم تقاتل .
ثم جاء المتنبي فأخذ الصورة نفسها و أضاف إليها من فنه و خياله فقال في مدح سيف الدولة الحمداني:
له عسكرا خيل و طير إذا رمى *** بها عسكرا لم تبق إلا جماجمه .
وأما ابن هانئ فاستلهم الموروث الديني لأداء المعاني الحماسية و لعل ذلك راجع إلى شخصية البطل الممدوح ( المعز لدين الله الفاطمي )الذي يتمتع بتأييد إلهيّ باعتباره من
ذرية الرسول – صلى الله عليه و سلم -. فيقول مشبها انتصار الممدوح على الروم الكافرين بانتصار الرسول و المسلمين على الكفار :
نصر الإله على يديك عباده *** و الله ينصر من يشاء و يخذل.
ويقول مشبها حراقات المعز بالجحيم :
إذا زفرت غيظا ترامت بمارج *** كما شب من نار الجحيم وقود.
وهي صورة مستوحاة من الآية الكريمة : << وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ >> .
7) و تنافس الشعراء الثلاثة في تصوير قوة المعارك فنقلوا صورا من ساحات القتال تبرز قوة الضرب و الطعن و الفتك بالعدو ... فقال أبو تمام في وصف قوة الضرب
و سرعة الطعن :
أوسعتهم ضربا تهد بـه الكلى *** و يخف منه المرء و هو ركين ضربا كأشداق المخاض و تحته *** طعن كأن وجاءه طاعــــــون
و كان للمتنبي فضل كبير في دقة تصوير المشاهد القتالية المليئة بالحركة و في حسن توظيف الإيقاع لإكساب هذه المشاهد قوة في الإيحاء و مثال ذلك قوله في وصف
معركة "الحدث" :
بناها فأعلى و القنا تقرع القنا *** و موج المنايا حولها متلاطم.
فقد أحسن توظيف الإيقاع ( بترديد صوت العين و صوت القاف و صوت النون ) للإيحاء بقوة المعركة .
أضفى الشعراء الثلاثة طابعا ملحميا على كثير من قصائدهم الحماسية و ذلك بتوظيف السرد ( سرد مراحل الحملات التي شنها المسلمون على بلاد الروم من خروج
الجيش للحرب إلى عودته منتصرا ) و الوصف ( وصف الجيوش و السلاح و الخيل و المقاتلين ...) و ذكر أسماء الأبطال ( سيف الدولة – أبو سعيد الثغري ...)
و أماكن المعارك( موقان – أبرشتويم – أرشق – جزيرة صقلية ... ) فقصائد أبي تمام الطائي في مدح القائد العربي أبي سعيد الثغري الطائي، وفي مدح الخليفة العباسي
المعتصم، و مدائح أبي الطيب المتنبي لسيف الدولة الحمداني ، و مدائح ابن هانئ للمعز لدين الله الفاطمي ملاحم أو فصول من ملاحم، تصور جهاد المسلمين للروم .

***

اتباع بناءِ القصيدة القديمة في القصائد الحماسية
- الاستهلال الطللي في قصائد الحماسة : نهج شعراء الحماسة نهج القدامى في استهلال القصائد ذات الطابع الحماسي بالوقوف على الأطلال والبكاء على الدمن . فهذا
المتنبي يستهلُّ أولى مدائحه الحماسية في سيف الدولة استهلالا طلليا فيقول :
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه -_- بأن تسعدا و الدمع أشفاه ساجمه.
و افتتح أبو تمام مدحية له في أبي سعيد الثغري بالوقوف على الأطلال فقال :
حتّام دمعك مسفوح على الدِّمَنِ -_- بانوا و شوقك لم يظعن و لم يَبِنِ.
ثمّ ذكر رحلته إلى الممدوح ، ثمّ انخرط في المدح الحماسي. و لم يتبعوا هذه السنة في افتتاح القصائد بالوقفة الطللية إلا لأنَّ مجاراة القدامى في هذه الحلبة كانت دليلا
على الفحولة الشعرية .
- التجديد في استهلال :
غالبا ما عدل الشعراء عن هذه المقدّمة التقليديّة ، فنوّعوا مقدماتهم ، و جاؤوا في مستهل قصائدهم بالحكمة كقول أبي تمام في مدح المعتصم :
السيف أصدق إنباء من الكتب -_- في حده الحدّ بين الصدق و الكذب .
وقال المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم -_- و تأتي على قدر الكرام المكارم
وهي حكم يستخلص الشعراء مضامينها من الحدث الذي تخلِّده قصيدة المدح الحماسي ( فتح عموريّة – تحرير قلعة الحدث من أيدي الروم.) وهذا النوع من المقدمات فيه
إيحاء بأهمية الحدث الباعث على إنشاء القصيدة ؛ و هو أكثر إثارة لاهتمام المتلقي ، و لفتا لانتباهه من المقدمات التقليدية ( الطللية أو الخمرية او الغزلية) التي غالبا ما
تكون مصطنعة ، مفتقرة إلى الصدق.
وقد يهجم الشاعر على الغرض بدون مقدمات كما فعل ابن هانئ في مدح المعزّ :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار -_- فاحـكـم فأنـت الواحد القـهَّـار
فبدأ بتعظيم الممدوح ورفع مشيئته فوق مشيئة القدر، استعدادا للإشادة بمنجزاته العسكرية ، و أعماله البطولية ، والهزائم التي ألحقتها جيوشه بالروم و بالقرامطة في الشام.
وهذا أنسب للمدح الحماسي من المقدمات القديمة.
أما المراثي الحماسية فجاءت في معظمها تقليدية البناء : تفجُّعٌ ، ثم تعظيمٌ لمصيبة فقد المرثي ، ثم تأْبِينٌ بذكر مناقبه ، ثم تصبُّرٌ و تأسٍّ . و من أحسن المراثي الحماسية
الخاضعة لهذا البناء مرثية أبي تمام في خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني أحد أشهر ولاة العباسيين على أرمينية و أشجع قادتهم ؛ و مطلعها:
نَعَاءِ إِلى كلِّ حيٍّ نَعاءِ - _ - فَتى العربِ اخْتَطَّ رَبْعَ الفَناءِ.
وقد اشتملت على مقطع حماسي عدَّد فيه الشاعر مناقب المرثيِّ ، و خصاله الحربية ، و أعماله البطولية
و أما قصائد الهجاء التي تحمل طابعا حماسيا ، فتكون في الأعمِّ الأغلب بلا مقدمات كقول أبي تمام في هجاء عيسى بن يزيد الجلودي الذي كان واليا على مصر فظلم
الناس وزاد عليهم في خراجهم فحاربوه وهزموه :
قل للجُلُوديّ الـذي يدُهُ -_- ذهـبـتْ بمالِ جُنودِه شَعْـبَا
الله أعطاك الهزيمةَ إذْ -_- جَذبَتْكَ أساب الرَّدَى جَذْبَا
فالشاعر الذي يفيض قلبه غيظا على المهجوّ انخرط في الهجاء دون مقدمات و كأنه يصب جام غيظه و غضبه عليه.

======

السرد الملحمي في المقاطع الشعرية الحماسية :
الملحمة شعر قصصي بطولييروي أحداثا خارقة و بطولات عجيبة ، وبعض المقاطع الحماسية تتوفر فيها مقومات السرد الملحمي من شخصيات ، و أطر مكانية و زمانية
و أحداث و وصف . فكثير من الشعراء ، إذا ذكروا معركة ، سردوا أطوارها و فصّلوا مراحلها من الاستعداد للحرب إلى الانتصار على العدوّ ، و صوروا ما يأتيه
الأبطال من أعمال تشبه الخوارق و أشادوا بالتضحيات في سبيل مُـثُـلٍ عُلْيَا. وهذا يسم أشعارهم بسمات ملحمية دون أن يرتَقِيَ بها إلى مستوى الملاحم كما عُرِفت في
الآداب العالمية . و إليك هذا النموذج الملحمي من شعر أبي تمام في مدح الخليفة العباسي المأمون :
- الخروج للحرب في جيش عظيم لنصرة الإسلام :
لما رأيتَ الديــن يخــفــق قــلـــبه والكفر فيه تغطرس و عُــرام
أوريْــت زنــد عزائم تحت الدجى أسرجن فكرك و البلاد ظــلام
فنهضت تسحب ذيـل جيش ساقـه حسـن اليـقـيـن و قاده الإقْـدام.
مُـثْـعَـنْجِـرٌ لَجِـبٌ تـرى سُـلاَّفَـــه و لهم بمُـنخَرِقِ الفضاء زحام
- خوض معركة ضروس :
حتى نقضت الروم منك بوقْعَةٍ شـنْـعاءَ لـيْـس لِـنَـقْـضِها إِبْـرام
في مَعْرك أما الحِمَامُ فمُفْـطِــرٌ في هُـبْوتـَيْـهِ و الكـُمَـاةُ صـيــامُ
و الضربُ يُقْعِدُ قَرْمَ كلِّ كتيبةٍ شرس الضريبة و الحتوف قيام
- هزيمة العدوِّ:
لـمَّــا رأيـتَهُـمُ تُـســاقُ مـلوكُـهُــم حِـزَقًــا إلــيــك كأنَّهــم أنْــعَـامُ
جرحى إلى جرحى كأنَّ جلودهم يُـطْـلَى بِـهـا الشَّـيّاَنُ و العُلاّمُ.
- نهاية المعركة:
أكـرمْـتَ سـيـفَـك غرْبَه و ذُبـابـه عَـنْهُـم و حُقَّ لِسَيْفِكَ الإحرامُ.
فانظر كيف أسند الأفعال كلها إلى الممدوح فجعل منه بطلا ملحميا هبَّ للدفاع عن الإسلام و المسلمين و هدِّ ركن الكفر ، وأعدَّ لذلك جيشا جرَّارًا خاض به معركة حامية
الوطيس ، وقتل وأسر من الأعداء خلقا كثيرا ، وانتصر عليهم انتصارا مبينا .
و السرد الملحمي تتخلله عادة مقاطع وصفية تخصص في أغلب الأحيان لوصف البطل و جيشه و حسن بلائه في القتال ، و وصف مظاهر هزيمة العدو ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://evaqual.ahlamontada.com
 
شعر الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مضامين شعر الحماسة
» صورة البطل في شعر الحماسة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أ. عمر الهرهوري :: المرحلة الثانوية-
انتقل الى: