نعني بالمحاولة الشّروع الفعلي في ارتكاب الخطأ، لأنّه من المستحيل القطع بشأن النّوايا وإثباتها، وعليه فالمعتبر في المادّة التّأديبيّة ثبوت الوقائع ثبوتا فعليّا، وتقديم الأدلّة المادّيّة عليها، وليس ذلك متاح بالحدس أو بغلبة الظّنّ أو بالبلاغات المسبقة عن حصول الخطأ.
والمحاولة إقرار بحالة تلبّس مادّي ولا تخرج عن الاحتمالات التّالية:
 مشاهدة الفاعل بصدد ارتكاب الخطأ دون أن يتمّه.
 تواجد الفاعل في مكان الفعل ماسكا أداة، أو جهازا أو سجلا أو وثيقة، في توقيت يثير شبهة.
 تضافر أدلّة حافّة ليست للفاعل صلة مهنيّة مباشرة بها.
حينئذ يحصر الباحث جهده في تحديد معنى المحاولة، وعناصرها المرتبطة بإضمار الخطأ بالشروع في ارتكابه، ويجمع أدلّة ذلك، أمّا إذا ارتكبه كاملا وأنهاه، أو لم يصل منه إلى مراد، فذلك خطأ تامّ الأركان بصرف النّظر عن مآلاته ومخرجاته. وفي سياق التّأديب الإداري لا تعدّ المحاولة إذا أحبطت موجبة للزّجر، لأنّ من له المسؤوليّة والإشراف والرّقابة والمتابعة والحراسة محمول على إحباط مثل هذه المحاولات، والحيلولة دون حصولها، ولا يستقيم إجرائيّا تكييف خطأ إداري بالصّيغة التّالية، أو بما يعادلها: "محاولة سرقة، محاولة تدليس، محاولة تجاهل تعليمات الرّئيس المباشر..."، أو تسبيب مقترح تأديبي، أو عقوبة بصيغة مماثلة.
وإذا أحبطت المحاولة انتفى الخطأ في ذاته، وللإدارة أن تدينه في تعمّد مخالفة تراتيب نافذة. ولا تتحوّل المحاولة إلى خطأ ثابت يوجب التّأديب إلاّ إذا أصرّ عليها الفاعل، وكرّرها، وتمادى فيها رغم التّنبيه عليه، وعليه فصيغة: " تكرّر محاولة فعل كذا رغم التّنبيه المتتالي..." يبرّر التّأديب باعتباره إصرارا على مخالفة التّعليمات النّافذة.