لا يوجد مرجع قانوني يقدّم تعريفا جامعا مانعا لخطأ التّصرّف، الذي يمكن أن يرتكبه الأعوان العموميّون، أو المحاسبون أو المتصرّفون العموميوّن أثناء مباشرتهم لوظائفهم أو بمناسبتها ، ويمكن أن نعتمد مدخلا لغويّا:
"خطِئ يَخطَأ، خَطَأً وخِطْئًا، فهو خاطِئ.
خطِئَ الشَّخصُ: حاد عن الصَّواب، غلِط، ضدّ أصاب ".
وفي سياق التّصرّف المالي يصبح الخطأ كلّ ممارسة لا تتقيّد بالقوانين والتّراتيب السّارية وينتج عنها ضرورة هدر لأموال ومقدّرات، وبإمكاننا التّوسّل بالنّصوص القانونيّة لرسم حدّ فاصل بين التّصرّف القانوني، والتّصرّف غير القانوني، ومنها:
ورد في القانون المتعلّق بمحكمة المحاسبات ما يلي: " تعتبر أخطاء تصرّف على معنى هذا القانون:
• كلّ عمل تصرّف يترتّب عنه عدم تصفية أو تحصيل المقابيض والمبالغ المستحقّة أو عدم إيداعها بالخزينة لفائدة الهياكل المنصوص عليها بالفصل السّابع من هذا القانون.
• كلّ عمل تصرّف لا يستجيب لشروط الرّقابة الخاضع لها طبقا للقوانين والتّراتيب الجاري بها العمل.
• كلّ عمل تصرّف يقوم به شخص لم يسند له تفويض قانوني في الغرض ترتبت عنه التزامات ماليّة بذمّة هيكل من الهياكل المذكورة بالفصل السّابع من هذا القانون.
• إسناد تسبقات في غير الصّور المنصوص عليها صراحة بالقانون.
• مخالفة الأحكام القانونية والتّرتيبية المتعلّقة بالانتداب وبالتّصرّف في الأعوان بالهياكل .
• مخـالفة النّصوص القانونيّة والتّرتيبيّة المتعلقة بالصّفقات العموميّة واللّزمات وغيرها من العقود التي تبرمها الهياكل المنصوص عليها بالفصل 111 من هذا القانون.
• مخالفة قواعد التّصرف في الممتلكات العموميّة.
• وفضلا عن الحالات المذكورة آنفا يعتبر خطأ تصرّف كل عمل يترتّب عنه خرق للقوانين والتّراتيب والقواعد والإجراءات المنطبقة على التّصرّف في الهياكل المذكورة بالفصل 111 من هذا القانون ويؤدّي إلى حصول ضرر مالي لهذه الهياكل أو يترتّب عنه إسناد أفضلية أو امتيازات عينيّة لغير مستحقّيها" .
وعندما نتأمّل المطّة الأخيرة من الفصل 113 نجد أنّ عموم صياغتها قريب من تعريف الفصل 83 من م ا ع للخطأ، بحيث إنّ العموم يغني عن ضرب الأمثلة التي لا تقبل حصرا، وبالتّالي فإنّ خطأ التّصرّف الموجب للمساءلة بأنواعها، هو مخالفة القوانين المعمول بها، مخالفة تفضي إمّا إلى:
• إلحاق ضرر بالمال العام، أو بالغير.
• شبهة فساد.
• إسناد أفضليّة لعرض مالي دون وجه حقّ.
وحيث أنّ محكمة المحاسبات هي التي تتعهّد بالنّظر في أخطاء التّصرّف المرتكبة من الأعوان العموميّين، فإنّ مجالس التّأديب إذا نظرت في الأخطاء المنسوبة إليهم، فإنّها تثيرها:
من حيث هي أخطاء مسلكيّة .
وعلى معنى الفصل ثامنا من قانون الوظيفة العموميّة، إقرارا باستقلال المسار التّأديبي عن المسار المالي أو الجزائي، وممّا جاء فيه: "كلّ خطأ يرتكبه عون عمومي أثناء ممارسة وظيفته أو بمناسبة مباشرته لها يعرّضه لعقاب تأديبي بصرف النّظر عند الاقتضاء عن العقوبات التي ينص عليها القانون الجزائي". .
وممّا خلصت إليه المحكمة الإداريّة: "مسؤوليّة الإدارة تكون قائمة متى كانت الأخطاء التي يرتكبها أعوانها مندرجة في زمرة الأخطاء المرفقيّة التي لا تنفصل عن الوظيف" . وقد خلصت المحكمة الإداريّة إلى ما يلي: " إنّ خطأ التّصرّف لا يمكن أن يكون مفترضا بل يجب أن يكون مثبتا بما يدعمه من المستندات والمؤيّدات" .