هذا سؤال من واقع التسيير الإداري، وليس افتراضيا.
يضعنا هذا السؤال أمام استحقاقين:
1- الإدارة الرشيدة والمحوكمة:
من مقتضيات الإدارة المحوكمة أن تضع السلطة الادارية قراراتها موضع المراجعة والتقييم والتجويد، بهدف تنزيه ما يصدر عنها من شوائب التعسف والتنكيل وغيرها...
وهذا الرهان يقتضي أن تكون عمليات التقصي والبحث والتحرّي غير محدودة بعدد، وغير مقيدة بأجل، وبالتالي فان من حق رئيس الإدارة أن يأذن بمراجعة ما تم اتخاذ قرار فيه لتحقيق الأمان القانوني والأمان الوظيفي بكل معانيه، وتجسيد معاني الإدارة المحوكمة في أكثر صورها اكتمالا.
2- القرارات المرتجلة:
لئن كانت مراجعة الإدارة لقراراتها التّأديبية او لابحاثها منفتحا على معنى الحوكمة والإدارة الرشيدة، إلا أنه يؤكّد أن جزءا كبيرا من القرارات الصادرة عنها والمختومة ممن له سلطة ختمها مرتجلة، وغير مؤسسة على مستندات ماديّة تثبت الأخطاء، ووجاهة ادانتها صونا للصالح العام.
وعليه، فإن كل مراجعة تنتهي إلى نقض مستندات ما تأسس عليه القرار الإداري تتطلب منطقيا فتح بحث في الاخلال وإدانة من مسك الملف ومن وقعه بالأحرف الأولى، ومن وافق على إحالته إلى من بيده التّأديب. أمّا إسقاط هذا الاستحقاق فتشجيع لكثير من الأعوان والمسؤولين على تقديم ملفات إدارية غير مكتملة الموجب، ومشوبة بصفات الارتجال وعدم الدقّة. ومن الموضوعيّة أن نسأل بعد المراجعة: من يجبر للعون العمومي الضرر المادّي والمعنوي الذي لحقه من اجراءات تأديبيّة مرتجلة، وغير مؤسسة على حجج كافية ؟