صورة البطل في شعر الحماسة
نقلا عن صفحة فايسبوك: دروس العربية لتلاميذ الرابعة آدابا.
للبطل الملحمي ( الحربي) صفات نبيلة تميزه عن غيره من المقاتلين نذكر منها علو الهمة و قوة العزيمة . فهمته تدفعه إلى طلب المعالي و تحقيق أسمى الغايات،
و عزيمته تجعله ماضيا في سبيل ما يريد حتى النهاية . و قد أبرز المتنبي هذه الصفات في ممدوحه سيف الدولة فقال :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** و تأتي على قدر الكرام المكارم
و تعظم في عين الصغير صغارها *** و تصغر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الدولة الجيش همه *** وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم ...
فالغايات العظيمة صغيرة في عين سيف الدولة لبعد همته و مضاء عزمه ، أما غيره فيتهيب صغائر الأمور لأنه لا همة له و لا قوة عزيمة.
و البطل الملحمي لا يقاتل إلا سبيل هدف نبيل ، أو عقيدة مقدسة ، . فهو حامي الوطن و الدين ، و الذابُّ عن العرض و الشرف ، و المدافع عن الحق و العدل
و الخير. و لنا في شعر أبي تمام شواهد كثيرة على خيرية البطل الملحمي . فأبو سعيد الثغري الذي مدحه الشاعر بغرر من شعره كان يحمي ثغور المسلمين
من هجمات الروم البيزنطيين ( لذلك لقِّب بالثغري ) ، و في ذلك يقول أبو تمام :
لو لا جلاد أبي سعيد لم يزل *** للثغر صدر ما عليه صدار .
فبفضل جهاد أبي سعيد أمنت الثغور الإسلامية و أمن ساكنوها و احتمت به كما يحمى الصدر بالصدار. و بفتوح المعتصم في بلاد الروم صينت الأعراض في
الثعور بعد أن كانت عرضة لهجمات الصليبيين يخربون عمرانها و يهتكون شرف نسائها . و قد أشار أبو تمام إلى ذلك في حائيته الشهيرة فقال :
لبيت صوتا زبطريا هرقت له *** كأس الكرى و رضاب الخرد العرب .
فقد سار المعتصم إلى عمورية في جيش عظيم و فتحها تلبية لنداء امرأة مسلمة صاحت و هي أسيرة في قبضة الروم " وامعتصماه !". و أغلب الحروب التي
خاضها المسلمون ضد الروم كانت بمثابة الجهاد في سبيل الله و الدفاع عن حرمة الإسلام و المسلمين لذلك كانت تنتهي بالنصر على أعداء الإسلام ، و في ذلك
يقول ابن هانئ مادحا المعز لدين الله الفاطمي :
نصر الإله على يديك عباده *** و الله ينصر من يشاء و يخذل
فالمعز منصور من قبل الله تعالى لأنه يذود عن حرمة الدين ، و يحمي بيضة الإسلام .