سكت المشرّع في مجال التّصرّف الإداري عن إبانة معنى السرّ المهني، ولم يضر له أمثلة توضيحيّة، حيث اكتفى الفصل 7 من قانون الوظيفة العموميّة بالتالي:
"بصرف النظر عن القواعد المنصوص عليها بالمجلة الجنائية فيما يخص السر المهني، فإن كل عون عمومي ملزم بكتمان السر المهني في كل ما يتعلق بالوقائع والمعلومات التي تصل لعلمه أثناء ممارسة وظيفته  أو بمناسبة مباشرته لها.
وكل اختلاس أو إحالة للغير لأوراق المصلحة أو وثائقها محجر تحجيرا باتا إذا كان مخالفا للتراتيب.
ولا يمكن أن يعفى العون العمومي من واجب كتمان السر أو أن يرفع عنه التحجير المنصوص عليه بالفقرة السابقة إلا برخصة كتابية من رئيس الإدارة التي يتبعها".
خلافا لهذا العموم في الصياغة، كان المشرع مفصلا، مباشرا عند تناوله لافشاء السر المهني في سياق الطب، وفي سياق الجباية والتعاملات المالية.
ومن خلال الفصل 7 من القانون عدد 112 لسنة 1983،  ننتهي إلى ما يلي:
* إفشاء السرّ المهي خطأ مهني، وينفتح على الجرائم التي يؤاخذ عليها القانون الجزائي.
* السرّ المهني يكتمه الأعوان والمسؤولون، وإن لم يرد ذكرهم تفصيلا إلا أنّهم مشمولون بالمنع كونهم أعوانا عموميين.
* السر المهني وقائع ومعلومات، ويمكن أن نضيف مهما كان نوعها أو وعاؤها.
* ساوى القانون بين الاختلاس وافشاء الاسرار المهنية.
* المعلومات والوقائع الواجب كتمانها يطلع عليها العون أثناء ممارسته لوظيفته، أو بمناسبتها، وبالتّالي يخرج من المنع المعلومات والمعطيات المنفصلة تماما عن علاقاته الشّغليّة المباشرة أو غير المباشرة.
* سكت النصّ عن استثناء المنع، وهو إذاعة معلومات أو معطيات بناء على إذن كتابي مسبق من الرئيس المباشر.
حينئذ لا نظفر من الفصل 7 سوى بتحديدات عامّة، وفي الصياغة العامّة للنص القانوني تكون الدلالة أوسع نطاقا من الصياغة الخاصّة أو الدّقيقة، وبالتّالي فإنّ العون العمومي يتعامل بحذر مع مسألة إذاعة ما بلغ إلى علمه أثناء مباشرته لوظيفته.
إنّ إدانة العون العمومي في مادّة إذاعة الأسرار المهنيّة جسيم، كونه يخوّل لرئيس الإدارة عزل العون الذي ثبت في حقه إذاعة ما وجب كتمانه، لذل نوجّه الباحثين غلإداريين وأعضاء مجالس التّأديب إلى ما يلي:
1- إثبات أن ما تمّ إفشاؤه هو من المعطيات أو المعلومات التي تؤدّي إذاعتها ونشرها إلى ضرر ما.
2- تحديد علاقة ما تمّ إفشاؤه بالوظيفة أو ممّا لها به علاقة مباشرة.
3- إثبات إفشاء الأسرار إثباتا قاطعا لا يرقى إليه شكّ.
4- البرهنة الكافية على العلاقة السّببيّة بين الفعل والفاعل.
5- التّنصيص على طريقة إفشاء السرّ المهني.
6- تسمية الضرر المادي أو المعنوي الحاصل من إفشاء السرّ المهني.
7- عدم الاكتفاء باعتراف العون المتّهم، وتعزيز اعترافه بقرائن إثبات كافية.
8- عدم اعتماد المخارج القانونية مثل الأذون القضائية أو قانون النّفاذ لكشف الغطاء عن المعطيات أو الوثائق.
9- إثبات الضّرر الحاصل من إفشاء السرّ، والضّرر نوعان:
  أ ـ يمكن أن يلحق المؤسسة العموميّة، بتسبيب خسارة، أو تفويت منفعة، أو توريطها في مشكل إداريّة أو قضائيّة.
 ب ـ يمكن أن يلحق ذواتا ماديّة أو معنويّة بصرف النّظر إن كان الضّرر ماديا أو معنويّا.
 
إنّ التّقيّد بالضمانات السّابقة يغنينا عن محاولة حصر ما يعدّ سرّا مهنيا، وما ليس كذلك، إذ يستحيل الإحاطة بها عدّا وحصرا، ولكن يمكن أن نستأنس بالمعطيات التّالية:
* تسريب معلومات عن الشراء العمومي بصورة تؤثّر على شفافية إجراءات إسناد الاستشارات والصفقات.
* تسريب معطيات حول اختبارات الامتحانات الوطنية أو المناظرات المدرسيّة.
* معلومات تتعلق بالملفات الصحّية لتلاميذ أو لأعوان.
* نشر معطيات غير نهائية حول امتحانات مهنيّة وما كان في حكمها.
* معطيات تتعلق بأبحاث إدارية وماليّة غير نهائية...
وبالتّالي فإنّ إدانة عون عمومي في مادّة إفشاء السر المهني ليست هينة، وعلى الإدارة توفير ادلة كافية لحصول ذلك قبل تأديب منظورها.