ما معنى عبارة: "المجلس سيّد نفسه"؟

ننوّه إلى أنّ هذه العبارة من المعجم المتداول، وليست مبدأ من مبادئ القانون، وفي كلّ الأحوال لا يجوز أن يتّجه فهم هذه السّيادة المجازيّة إلى أنّها تعني أنّ المجلس أعلى من الهيكل الإداري الذي ينتمي إليه، أو أنّه أعلى من القانون الذي أوجده، أو خارجا عن سلطة القضاء الإداري أو العدلي، وعليه فإنّنا نفهم مدلول هذه العبارة باستحضار المسلّمات التّالية:
 يتداول المجلس القضيّة التّأديبية بموضوعيّة، وحياد عن رغبات الأطراف الأخرى، وتأثيراتها.
 يزن حجج الاثبات المثبتة في ملفّ القضيّة، دون إعادة تكييف لها.
 يعتبر المجلس تقرير الدّعوى وتقرير الباحث الإداري ووثائق مظروفة في الملفّ مجرّد "أعمال تحضيريّة" .
 يقدّم رأيا أو مقترحات وفق ما يبدو له أنّه الصّواب، وهو بصفته تلك لا يصدر قرارات إداريّة.
 يقدّم رأيه في أجل قانوني (شهر من تاريخ تعهّده، ويمكن تمديد هذا الأجل بشهر إضافي، إذا تطلّبت القضايا تعميق بحث، أو توضيحات إضافيّة).
 أجال بتّ مجلس التّأديب في الحالة أو الحالات التّأديبيّة المعروضة عليه استنهاضيّة.
 يثير تلقاء ذاته تعميق البحث.
 يقرّر بمحض إرادته:
• البتّ في الحالة التّأديبيّة، أو تقسيم الجلسة إلى جلستين مع تأمين حقّ الدّفاع في الحالتين.
• طلب تعميق البحث في مسألة لم يوفّها الباحث حقّها من التّوضيح.
• تأجيل الجلسة استجابة لطلب العون المحال لداعي المرض، أو رفض طلبه.
• استدعاء شهود، أو عدم استدعائهم.
واستنادا إلى ما سبق، يقدّم المجلس مقترحا تأديبيّا للحالة التي تعهّد بها، وهذا الرّأي يكون مستقلّا عن:
 رغبة أيّ طرف إداري أو نقابي.
 رأي الباحث الإداري الذي نسب الأخطاء إلى العون المحال على المجلس.
 قائمة الأخطاء المسجّلة في تقرير الدّعوى، إذا ثبت له ما يبرّر إسقاط بعضها أو كلها.
وبالتّالي فإنّ المجلس قد تداول أخطاء وفحصها، وتثبّت من مجهود الباحث في إثباتها، واستمع إلى دفوعات العون الشّفويّة والكتابيّة، وسجّل شهادات الشّهود إن وجدوا، وانتهى إلى رأي واضح حولها ثبوتا ونفيا، ومنه يخلص إلى صياغة مقترح تأديبي . وقد خلصت المحكمة الإداريّة إلى أن:
 "... تقرير الإحالة على المجلس ... بمثابة الأسباب القانونيّة التي يجب ... أن تكون مجرّد أعمال تحضيريّة ومقترحات يرجع للهيئة الإداريّة المختصّة بإصدار العقوبة التّأديبيّة اعتمادها كلّيّا أو جزئيّا أو الاستغناء عنها في قرارها، الأمر الذي يجعل الاختلاف بين أسباب الإحالة على مجلس التّأديب ومضمون القرار المنتقد بدون أيّ تأثير على مشروعيّته" .