ما المقصود بالقانون الذي يحتجّ به ويستند إليه؟
ازداد اللّغط بعد ثورة 2011 بعبارة "قانوني"، حتّى تحوّل اللّغط إلى ما يشبه الهوس المربك للعمل، وتأسيسا عليه فقد انفرطت عقود، وهمّشت كثير من السّجلاّت الإداريّة، وطغت على السّاحة التّربويّة ممارسات، وتوجّهات غريبة عن الحياة المدرسيّة، وعند كلّ محاولة لردّ الأمور إلى وضعها الطّبيعي، يبادر كثيرون بالقول:
(هل هذا قانوني؟)
(ما هو المرجع القانوني؟)
وغير ذلك من عبارات تدور في نفس السّياق. وعليه، نشير إلى أنّ النّصّ القانوني الذي يحتجّ به، نصّان، نصّ مكتوب، ونصّ غير مكتوب:
أ- النّصّ المكتوب: كلّ نصّ قانوني صريح، ومنشور، ومعمول به، ولم يقع نسخه، فلا عجب أن نجد في منظوماتنا التّشريعية المعاصرة أوامر عليّة ، ولا إشكال في ذلك لأنّ النّص يفقد قيمته الإجرائيّة بالنّسخ الجزئي أو الكلّي، وليس بالتّقادم.
ب- النّصّ غير المكتوب: كلّ ما جرى به العمل من تراتيب ووثائق وإجراءات عقودا، حتّى صار عرفا تربويّا أو إداريّا، بشرط أن لا يكون هذا" العرف" معارضا لنصّ قانوني مكتوب، ومنشور ومعمول به، ولأخلاق عامّة...
ج - السلطة التقديرية الممنوحة الى المسؤول الاداري، وهي وان لم تكن محددة بنص الا انها موجودة طالما ان تصريف الشأن العام وصيانة المصالح يحتاجانها، وهذه السلطة نسبية أيضا باعتبارها حاضعة لسلطة المسؤول الأعلى درجة في تراتبية الادارة او الدولة، وهي أيضا خاضعة لسلطة القضاء وحاصة القضاء الاداري...
وبالتّالي فإنّ المبالغة في الاحتجاج بعبارة "أين النّصّ؟" مردود، طالما أنّ غياب النّصّ النّاطق، وهو النّصّ الصّريح، قد سُدّ بالنّصّ المنطوق، وهو العرف المعمول به لسدّ الفجوة التي سبّبها غياب النّصّ الصّريح.