ما المقصود بتجاوز السّلطة في المادّة التّأديبيّة؟
أسند قانون الوظيفة العموميّة لرئيس الإدارة حقّ تأديب منظوريه إذا صدر منهم ما يوجب التّأديب، ولكّنه ألزمه، وألزم معه من فوّضهم في المادّة التّأديبيّة:
أ. إثبات الخطأ قبل إيقاع العقوبة.
ب. اتّباع إجراءات إداريّة قانونيّة من شأنها أن تكفل حقوق الدّفاع، وتحفظ للتّأديب عدله ومصداقيّته، وبالتّالي جدواه.
ت. عدم الانحراف بالإجراءات إلى ما لم تُجعل له.
ث. تعليل العقوبة تعليلا كافيا.
وتنقسم الإجراءات الإداريّة إلى:
عقوبات من الدّرجة الأولى، وعقوبات من الدّرجة 2، ولكل منها تراتيب معلومة، وإجراءات مخصوصة، وتخصّ الأعوان المتربّصين والمرسّمين.
أمّا الأعوان الوقتيّون والأعوان المتعاقدون فلهم إجراءات أخرى، وعقوبات تخصّهم .
غير أنّ الإدارة قد تنحرف أحيانا بهذه السّلطة، وتستعملها في غير ما جعلت لها، من ذلك:
• نقلة عون بقصد الزّجر، وإن غلّفته في الظّاهر بغلاف "مصلحة العمل"، أو "ضرورة بيداغوجيّة".
• الإعفاء من الخطط الوظيفيّة تعسّفيا، ودون منح شاغل الخطّة فرصة للدّفاع عن نفسه.
• إنهاء التّربّص دون الإدلاء بما يثبت فشل المتّربّص فيه.
وهي الإجراءات وغيرها مقصودة للعقوبة في حقيقة أمرها، خصوصا إذا أثبت العون المستهدف للقضاء الإداريّ أنّ قرار الإدارة كان ردّ فعل على هفوة ارتكبها، أو بسبب اتّهام بالتّقصير، أو بسبب خلاف مع مسؤول، وبالتّالي تكون الإدارة قد التفّت على الإجراءات التّأديبيّة، وقامت بنقل الموظّف بنيّة التّأديب، وذاك من تجاوز السّلطة. وتقضي المحكمة الإداريّة في هذه الحالات ببطلان القرار الإداري، وتلزم الهيكل العمومي بالتّراجع عنه، والسّير في الإجراءات الإداريّة والتّأديبيّة سيرها العادي، ونذكّر بأنّه كلّما كانت القرارات الإداريّة شفّافة، وتمّ اتّخاذها في إطار الحوار مع اللّجان الإداريّة المتناصفة، ومع الطّرف الاجتماعي، كلّما سلمت من صفة التّعسّف، وإضمار قصد الضّرر، والتّوجّه نحو تحقيق جدّي للمصلحة العامّة، أو الاستجابة للضّرورة البيداغوجيّة. وقد خلصت المحكمة الإداريّة إلى ما يلي:
"الانحراف بالسّلطة عيب يصيب المقرّر الإداري، ويتمثّل في مبادرة السّلطة الإداريّة قصديّا باستخدام السّلطات الرّاجعة لها قانونا في سبيل خدمة هدف غريب عن الهدف الذي وقع من أجله منحها تلك السّلطات... كما استقرّ فقه قضاء هذه المحكمة على تعريف الانحراف بالإجراءات على أنّه لجوء السّلطة الإداريّة إلى إجراء معيّن في وضعيّة محدّدة قصد تحقيق هدف من أهداف المصلحة العامّة في حين كان عليها اتّباع إجراء مغاير وضعه المشرّع لمثل تلك الحالة" .