من حقّ الإدارة أن تقيّم منظوريها سنويّا، وتسند لهم بمقتضى ذلك أعدادا تقييميّة سنويّة تخصّ مواظبتهم وهندامهم وجودة منجزهم وقدراتهم التّواصليّة، ومن واجبها إعلامهم بما أسندت إليهم من تقييمات، والاحتفاظ بما يفيد قيامها بواجب الإعلام . وهذه الأعداد الإداريّة أو الصّناعيّة تقييميّة بالأساس أو مهنيّة تتعلّق بمعايير تقييم مضبوطة في نصوص مرجعيّة، وبالتّالي فإنّها ليست عقوبة إداريّة تستعيض بها الإدارة عن مسار الإجراءات التّأديبيّة العاديّة، وبالتالي فإنّ الإدارة مدعوّة إلى أن تصون مصداقيّتها عند التّقييم، وأن لا تلتفّ على الإجراءات التّأديبيّة، أو ما يسمّيه فقه القضاء الإداري "انحرافا بالسّلطة" .
وتخضع التّقييمات السّنويّة إلى ثلاثة احتمالات أساسيّة، وهي:
التّرفيع في العدد تدريجا اعترافا من الإدارة برضاها عن مردود منظورها.
تجميد العدد لغير الحاصلين على العدد الأقصى، كتنبيه على أنّ الأداء غير مقنع.
الحطّ من العدد بأرقام متفاوتة تتناسب ودرجة تراجع منظورها، وينبغي للمسؤول المباشر أن يرفق مقترح الحطّ بتقرير وبوثائق مثبتة، وذلك لاطلاع اللّجنة الإداريّة المتناصفة ذات النّظر على مبرّرات الحطّ، وهي بالأساس مبرّرات ذات علاقة مباشرة بالعمل وشروطه، وإذا لم تبرّر قرارها التّقييمي فإنّ للعون حقّ التظلّم إلى اللّجنة الإداريّة المتناصفة مرجع النّظر لالتماس التّعديل في العدد في مرحلة أولى، ومن حقّه التّظلّم إلى القضاء الإداري وفق الصّيغ المعمول بها.
وعلى هذا استقرّ فقه القضاء الإداري:
للإدارة حق تقدير كفاءة العاملين بها لما لها من سلطة تقديريّة في هذا الشّأن ولا سبيل إلى مناقشة تقديراتها ما لم يثبت أنّها انحرفت بالسّلطة .
"الانحراف بالسّلطة عيب يصيب المقرّر الإداري، ويتمثّل في مبادرة السّلطة الإداريّة قصديّا باستخدام السّلطات الرّاجعة لها قانونا في سبيل خدمة هدف غريب عن الهدف الذي وقع من أجله منحها تلك السّلطات، ويتجسّم في مجموعة مؤشّرات كالوقائع والأعمال القانونيّة والقرارات المترابطة والمتواترة زمنيّا والتي من شأنها الدّلالة على الانحراف. كما استقرّ فقه قضاء هذه المحكمة على تعريف الانحراف بالإجراءات على أنّه الانحراف بالإجراءات على أنّه لجوء السّلطة الإداريّة إلى إجراء معيّن في وضعيّة محدّدة قصد تحقيق هدف من أهداف المصلحة العامّة في حين كان عليها اتّباع إجراء مغاير وضعه المشرّع لمثل تلك الحالة" .
تتمتّع الإدارة بسلطة تقديريّة عند تقييم عمل الأعوان الرّاجعين إليها بالنّظر وأنّ الأعداد المسندة إليهم بهذا العنوان لا تخضع إلا للرّقابة الدّنيا للقاضي الإداري، وبالتّالي فلا سبيل إلى مناقضتها إلاّ متى ثبت أنّ الإدارة اعتمدت على وقائع غير صحيحة أو ارتكبت خطئا فاحشا في التّقدير أو خطئا في القاعدة القانونيّة أو انحرفت بالسّلطة والاجراءات .
على مديري المدارس الإعداديّة والمعاهد ومسؤولي المندوبيّة إرفاق مقترحاتهم في الأعداد الإداريّة السّنويّة بملف حسن التّوثيق لمبرّرات التّخفيض فيها، توقّيا من خلل الانحراف بالسّلطة، ولا يطلب منهم تبرير اقتراح تجميده.