من أكثر مظاهر الانفلات الإداري فظاعة الاستخفاف بالأرشيف، وبذاكرة الإدارة وبحقوق المواطنين ومنظوري الإدارة فيها، هذه الحالة مستجدّة كرّسها واقع الانفلات، والاستخفاف بتراتيب العمل الإداري، واستفحل الوضع بضعف الرّقابة، وعدم الزّجر، والتّقصير في المهام الإداريّة. وإهدار الأرشيف الإداري وإهماله، وإتلافه دون ضوابط أو معايير قانونيّة خطأ شخصيّ، والعقوبة عنه شخصيّة كذلك.
• تعريف الأرشيف:
الأرشيف: "مجموع وثائق أنشأها أو تحصّل عليها أثناء ممارسة نشاطه كل شخص طبيعي أو معنوي وكل مرفق عمومي أو هيئة عامّة أو خاصّة مهما كان تاريخها وشكلها ووعاؤها، وتحفظ هذه الوثائق وتجمّع أرصدة الأرشيف لفائدة الصّالح العام تلبية لحاجيات التّصرّف والبحث العلمي وإثبات حقوق الأشخاص" .
• أنواع الأرشيف:
تمرّ الوثيقة بالمراحل التّالية:
أ ـ الأرشيف الجاري أو النّشيط: كلّ الوثائق مهما كان وعاؤها والمستعملة باستمرار من قبل من أنشأها أو تحصّل عليها، وذلك لممارسة نشاطه .
ب ـ الأرشيف الوسيط أو شبه النّشيط: كلّ الوثائق باختلاف وعائها والتي لم تعد أرشيفا جاريا من الأشخاص أو الهيئات التي أنشأتها أو تحصّلت عليها، وأصبح استعمالها غير منتظم.
ج ـ الأرشيف النّهائي: هي الوثائق التي يتعين فرزها وحفظها الدّائم.
تنتقل الوثيقة من الأرشيف الجاري إلى الأرشيف النّهائي مرورا بالأرشيف الوسيط، وفق جدول زمني مدرج في وثيقة تعرف بـ "جدول مدد استبقاء الوثائق"، والتي تعدّها هياكل مركزيّة بوزارة التّربية بالتّعاون مع مؤسّسة الأرشيف الوطني التّونسي ، وتمدّ به المؤسّسات الإداريّة والتّكوينيةّ والتّربويّة الرّاجعة لها بالنّظر، وبالتّالي فإنّ تصنيف الوثيقة وفرزها وانتقاءها، وتحديد مصيرها إتلافا أو حفظا دائما، ليس مرتبطا بمزاج أعوان عموميّين أو مسؤولين يريدون تحييد رصيد وثائقي متوفّر لديهم، لغايات جماليّة تخصّ تنظيم مكاتبهم، وتخفيف عدد علب الحفظ فيها.
• في المسؤوليّة عن الأرشيف:
يتعيّن على المسؤول الإداري والأعوان العاملين معه المحافظة على كلّ وثيقة مهما محملها أو وعاؤها، والتّعامل معها على أنّها ملك الدّولة . وبالتّالي فهم مسؤولون عنها عند توصّلهم بها أو وصولهم إليها .
• في المسؤوليّة الجزائيّة عن إهمال الأرشيف أو إلحاق الضّرر به:
تسلّط على المسؤول أو العون أو العامل المدان بتهمة إتلاف الأرشيف أو تعريضه للتّلف عقوبة ماليّة تتراوح بين 300د و 3000د ، بصرف النّظر عن عقوبات متعلّقة بالزّور أو تعمّد إتلاف الأرشيف لتعطيل النّفاذ.
• مسؤوليّة المندوب الجهوي للتّربية في مادّة صون الأرشيف الإداري:
على المندوب الجهوي مسؤوليّة إداريّة في ما يلحق الأرشيف من ضرر إذا أثبتت الأبحاث الإداريّة عدم عنايته بحفظ الوثائق، أو عدم متابعتها، ونوجّه إلى ما يلي:
 تكليف أعوان من ذوي الكفاءة والاختصاص للعناية بأرشيف الإدارة.
 تخصيص فضاءات لمعالجة الوثائق وفرزها، وفهرستها وحفظها.
 توفير معدّات ضرورية للحفظ المادّي والتّوثيق الرقمي.
 تكليف الأعوان تحت إشراف أحد مسؤولي المندوبية بفرز الأرشيف وانتقائه وتنظيمه وفهرسته .
 تأطير أعوان الأرشيف وتكوينهم في الاختصاص.
 مدّهم بـ"جدول مدد استبقاء الوثائق" لاعتماده.
 توجيه مذكّرة داخليّة إلى كل مسؤولي المندوبيّة لتذكيرهم بواجب المحافظة على الوثائق الإداريّة، حفظا وظيفيّا يسهّل الرّجوع إليها، واستخدامها، وإحالتها في الأجال القانونيّة إلى فضاء الفرز والخزن.
 تكليف حاجب -كتابيّا- بمهمّة التّنسيق بين فضاءات خزن الأرشيف ومختلف مصالح المندوبيّة.
إذا أهمل عون أو مسؤول أو عامل وثائق إداريّة أو أتلفها دون تقيّد بتراتيب قانونيّة نافذة، أو أهمل الأرشيف بصورة عرّضته لتلف كليّ أو جزئي، فإنّه يؤدّب بموجب ذلك، بصرف النّظر عن تتبّعات جزائيّة ذات صلة.